بين نزولِ سعرِ النفط وعقيدتِنا في الله هو المُسَعِّر


التصنيفات
القسم: 
القسم العلمي: 

بين نزولِ سعرِ النفط وعقيدتِنا في الله هو المُسَعِّر

 

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}

 

قال النبي ﷺ:

"إن الله هو المُسَعِّر القابض الباسط الرزاق"

 

فالله سبحانه هو الذي يبسط الأرزاق فتكثر وترخص  أسعارها، كما أنه يقبض الأرزاق فتقل وترتفع أسعارها ، سبحانه المُسَعِّر القابض الباسط الرزاق.

 

المسلم يعبد الله وحده لا شريك له، لا يعبدُ نبيا مرسلا ولا ملكا مقربا، بل عقيدته ما قاله الصديق عند وفاة النبي ﷺ: "من كان منكم يعبد الله فإن الله حي لم يمت ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات" وهي عقيدة آل بيت النبي ﷺ وصحبه رضي الله عنهم أجمعين.

ثم قرأ أبوبكر الصديق رضي الله عنه قول الحق تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ}.

 

فالمسلم يعبد الله حق عبادته إلى أن يأتيه اليقين وهو الموت كما قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} والعبد المسلم المملوك لله يُحكِّم أمر الله في نفسه، وفي أقواله وأفعاله، ويقمع أمراضه ونقصه وأهواءه وحسده إلى أن يأتيه اليقين، هذا هو هدي المؤمن الذي يريد دار الآخرة، وقد شرع الله لنا في هذه الدنيا العمل والكسب الحلال بعد التوكل عليه وحده، فالمسلم القوي يعمل ويبذل الأسباب المشروعة للإنتاج المتميز والمتقن، والعمل في التجارة لكسب الرزق الحلال، كما قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} وقد كان هذا هدي الأنبياء والرسل، ألا وهو العمل والبعد عن المسألة والسؤال وأخذ العطاءات، فهذا نبيُّ اللهِ داودُ عليه السلام كان صانعًا حدَّادًا يصنع الدروع قال تعالى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجب على المسلم أن يبذل الأسباب المشروعة للرزق وهو مؤمن أن من سبل الرزق كذلك إكرام الضعاف والفقراء.

 

قال ﷺ: "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟" رواه البخاري

 

وقالَ ﷺ: "أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ". رواه أحمد وغيره وصححه الألباني

 

ومعنى (أَبْغُونِي) ائْتُوني بهم أي الفقراء والضعاف عندكم وأقول امتثالا لقول النبي ﷺ: أكرموا الضعاف من أهلكم وقرابتكم ثم من أهل الكويت أو من هو في الكويت من الأُسَر البدون والمصريين والسوريين والهنود والبنچلاديشيين والفلبينيين والإيرانيين وغيرهم فأحسنوا لهم وأوفوا لهم بالعطاء في مثل هذه الظروف وتذكروا قول الحق تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فضُعَفَاؤكُمْ سبيل لعطاء الله ورزقه جل جلاله، والنبي ﷺ يأمرنا بالتقرب إلى الله بهم أي بالضعاف، ولنحفظ حقوقهم، بل ونجزل العطاء لهم، فإن الرزق بيد الله، والله أمر ببذل الأسباب الدنيوية، من عمل وجهد وإنتاج وصناعة وتميز وتفوق، ولذلك تجد أعظم ثلاث رجال بعد الأنبياء والرسل أبوبكر وعمر وعثمان كانوا أهل عمل وصفق في الأسواق وإنفاق على الفقراء ومع ذلك كانوا أعلم الصحابة في العلم الشرعي.

 

قال النبي ﷺ:

 

" ♦إن من أمَنِّ الناسِ عَلَيَّ في صحبته وماله؛ أبو بكر"

 

♦️  "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر"

 

♦️  "ما نفعني مال أحد ما نفعنا مال أبي بكر"

 

♦️ عن عبدالرحمن بن سَمُرة قال:

جاءَ عثمانُ إلى النَّبيِّ ﷺ بألفِ دينارٍ -قالَ الحسَنُ بنُ واقعٍ: وفي موضعٍ آخرَ من كتابي-، في كُمِّهِ حينَ جَهَّزَ جيشَ العُسرةِ فينثرَها في حجرِهِ. قالَ عبدُ الرَّحمن : فرأيتُ النَّبيَّ ﷺ يقلِّبُها في حجرِهِ ويقولُ: "ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ" مرَّتينِ. أخرجه الترمذي وحسنه الألباني

 

♦️عن ابن عمر رضيَ اللهُ عنهما قَالَ:

"أَصَابَ عُمَرُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنِّي أَصَبْتُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: «إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلاَ يُبْتَاعُ، وَلاَ يُورَثُ، وَلاَ يُوهَبُ، قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً، غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. متفق عليه واللفظ لمسلم

 

♦️عن عمر بن الخطاب رَضِيَ الله عَنْهُ قال:

«أَمَرَنَا رَسُولُ الله ﷺ يَوْماً أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْماً فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فقال رَسُولُ الله ﷺ: ما أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ فَقُلْتُ مِثْلَهُ. قال: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بكلِّ ما عِنْدَهُ، فقال لَهُ رَسُولُ الله ﷺ : مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ قال: أَبْقَيْتُ لَهُمُ الله وَرَسُولَهُ. قُلْتُ: لا أُسَابِقُكَ إِلى شَيْءٍ أَبَداً».

رواه أبوداود و الترمذي وحسنه الألباني

 

هذا هدي أفضل الصحابة في العبادة والعمل والبذل في السراء والضراء فبهم نقتدي.

 

وحقيقة هذا ما تبذله دولة الكويت ونسأل الله القبول  حكومة وشعبا في ظل هذه الظروف فشكر الله لولي أمرنا ورئيس وزرائه ووزرائه الكرام وسائر أهل الخير من حكومتنا وأفراد شعبنا على ما يبذلونه من عطاء وصدقة داخل البلاد وخارجها.

 

كما لا يفوتني أن أنبه إخواني بالتكفل بإيصال صدقاتهم بأنفسهم،كما كان عليه هدي النبي ﷺ وأصحابه، وإن عجزت عن ذلك بنفسك فعن طريق صديق أو قريب تتعاون معه على الخير وهو لا ينتمي لهذه الجماعات السياسية، فالنبعد صدقاتنا وزكواتنا عن أيدي قيادات وأبناء الجماعات السياسية التي تدعوا إلى الخروج على ولي الأمر بطريقة أو بأخرى وعلى سبيل المثال اليوم جماعة الإخوان أتباع منهج القرضاوي وسيد قطب وحسن البنا ومن شاكلهم ينشرون تسجيلًا لشخص يحث أهل الكويت على إعطاء تنظيمهم الإخواني صدقات أهل الكويت والمتحدث ممن شارك في المظاهرات ضد ولي الأمر و هو ممن اقتحم المجلس، بمعنى آخر أنه صاحب دعوة ثورية فهل نمكنه من صدقاتنا، فهل مثل هؤلاء ومن يؤيدهم يعطون الصدقات ‼️،

 

علمًا أن شيخهم القرضاوي في كتابه فقه الزكاة يوجه المسلمين إلي صرف زكواتهم للعمل الجماعي المنظم بقوله: إن أهم وأول ما يعتبر الآن «في سبيل الله» هو العمل الجاد لاستئناف حياة إسلامية صحيحة... ونعني بالعمل الجاد العمل الجماعي المنظم الهادف لتحقيق نظام الإسلام.

 

♦️فهل تؤيد أخي المسلم وأختي المسلمة إعطاء من يريد إسقاط دولتك وولي أمرك لإقامة دولته بصريح لفظه ؟

 

                                                                       بقلم الشيخ / محمد عثمان العنجري

                                                                 الخميس 9 شعبان 1441 هـ

                                                                الموافق 02 أبريل 2020