التكفير يدل على الانحراف، لا على الغيرة على العقيدة


التصنيفات
الشيخ: 
القسم: 
القسم العلمي: 

بسم الله الرحمن الرحيم

التكفير يدل على الانحراف،

لا على الغيرة على العقيدة

 

١- يبدو أن البعض يجد حماسًا في التكفير لمن ظاهره الإسلام؛ ليسترْوِح، ويستدل بذلك على غيرته وغضبه، ومقدار عنايته بالعقيدة والتوحيد، وانتصاره للدين.

٢- وفي الحقيقة أن هذا الأمر إنما يدل على انطلاء بعض شبه الخوارج عليه في معاملة مَن ظاهره الإسلام، أو مع الأمراء.

٣- أما الممدحة والمنقبة التي عليها المتبعون للصحابة والسنة فهي التورع عن إطلاق التكفير والمسارعة به على من ظاهره الإسلام؛ لأن النبي ﷺ قد حذر من ذلك، فقال: « أَيُّمَا امْرىٍء قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا. إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ. وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ».».

٤- ولأن إطلاق التكفير على المسلمين هي خاصية وشعار الخوارج، كما قال النبي ﷺ: « قرأ القرآن حتى إذا رُئِيت بَهْجَتُه عليه وكان رِدْئاً للإسلام ، غيّرَه إلى ما شاء الله ، فانسلخ منه ، ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ، ورماه بالشرك».

٥- ولذلك كان من ممادح وسِمات أهل السنة: التخطئة التي يظهر بها الحق ويهدى بها الناس للحق، لا التكفير.

٦- وأما الجماعات فلها نمَطان من التكفير:

تكفير الإخوان -ومن شايعهم- المبني على وصف المجتمع بالجاهلي، وتكفير سياسي بوصف المسلم بالعلماني؛ على إرادة جعله قسمًا يقابل الإسلامي.

والنوع الآخر من تكفير الجماعات هو تكفير السروريين وداعش والقاعدة، ومن تأثّر بهم من السلفيين.

٧- فالعناية بالعقيدة الصحيحة معناها: العلم والعدل والرحمة والقوة في نشر الحق ومقاومة أنواع الباطل بالهدى والخير، لا انتقام الخوارج وتترسهم بدعوى الغضب لله والغيرة، فيطلقون على المسلمين كل أنواع الألفاظ الصريحة في التكفير، أو غير الصريحة كالماسونية والصهيونية ووو... ويطلقونها على من يريدون؛ ليقتنع الجهال المقلِّدون مِن أتباعهم أنهم على حق، وعلى عناية بالعقيدة الصحيحة، والقول بموجبها، والغيرة عليها!

٨- تذكّر دائمًا أن تدينك ليس وسيلة إكمالٍ لنقص تعانيه؛ بالبغي على غيرك، وفرض منزلةٍ لنفسك.

٩- إنما التديّن الصادق قربة، يزداد بها حب الله، والسعي في رضاه، وتعدية النفع نصحًا لإخوانك المسلمين الذين يسرُّك الخير الذي فيهم دينًا ودنيا، ويؤلمك الشر الذي يلحقهم.

١٠- إنّ دلالة الأحاديث على فضل سلامة الصدر ونقاء السريرة لا تعني -كما يحاول البعض أن يفهمها- أنها أحد أبواب الخير النافلة المستحبة (وإن كان قد يأتي التمثيل عليها أحيانًا في الأحاديث متجهًا لأشخاص معينين)، إنما سلامة الصدر وحب الخير للمسلمين وكراهية حصول الشر لهم من واجبات الدين العينية الشخصية الواجبة على كل مسلم، بل هي الدرجة الدنيا من واجبات التطهر والتزكي، قال النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه».

نسأل الله أن يمنحنا الغضب له والغيرة على دينه، التي تنعكس رحمة ونصحًا للإسلام والمسلمين وحكمًا بعلم وعدل، ولا تنعكس -بسبب حظ النفس ووسوسة الشيطان- تكفيرًا وظلمًا وبغيًا وعدوانًا وتسلطًا وترفعًا وكبرًا على المسلمين، كما عليه الخوارج والمنحرفون.

١١- إن الصراخ والصياح وسلاطة اللسان والبذاء والاحتقار والهجوم الباغي سِمة الباطل وسوء الخلق، وإن الكلام الفصيح الواضح البيّن العادل سِمة العلم وحسن الخلق.

نسأل الله العافية والسلامة لنا جميعًا.

 

كتبه الشيخ: أحمد السبيعي حفظه الله تعالى

الجمعة 3 صفر 1443ه

الموافق 10 سبتمبر 2021م