الراحة الكاذبة


التصنيفات
الشيخ: 
القسم: 
القسم العلمي: 

بسم الله الرحمن الرحيم

الراحة الكاذبة!

 

١-يلجأ الكثير من البشر إلى الخمور المحرمة وما يتبعها ليتخدروا من قيد الواقع ويأنسوا بواحة الوهم والخيال.

٢-وأشَّد إسكاراً من الخمر وأعظم كذباً: واحة راحة الأفكار الكاذبة التي يخدع بها الإنسان نفسه خلاف واقعه، خاصة إذا مزجت بأنواع من القيّم والمبادئ -دينية وغير دينية- لتضفي على حياة الكاذب بهرجاً يسوّغ له الزيف الذي يناجي به نفسه ويخادع به غيره.

٣-فتلقف المسلمون طُعْمَ القومية، فلم يكد يسكن حتى أخذت راية الإسكار  الجماعات الإسلامية، لتستمر في مخادعة الشعوب بوهم القوة الخيالية البعيدة عن حقيقة الواقع المادي؛ فتبني عليه آمالاً وتهيئ لتجارب أخرى فاشلة لكن بسلطة جديدة.

٤-ودين الله -عز وجل- حق، ووعده صدق، ومبناه إيمان وعمل، ولا ملجأ من الله إلا إليه سبحانه.

 

٥-لكن المبعوث رحمة للعالمين -صلى الله عليه وسلم- مكث دهراً بمكة صابراً لما لم يكن بين يديه قوة حقيقية ولم يقذف المسلمين في أوهام نصر مؤزّر كالذي وعد بقذف إسرائيل في البحر فدكت رأسه وطائراته على الأرض!.

 

٦-إن الإنسان ضعيف يبحث عن الحلول الفورية السريعة دائماً ويريد خلاصاً ومخلصاً يخرجه من واقعه المرير الذي جرت العادة أيضاً على تصويره بالبؤس أكثر من الحقيقة.

 

٧-فلقد هتفت الجماهير لستالين وهتلر وصدام وعبدالناصر وستستمر في الهتاف وتتقدم إلى حتفها.

 

٨-والأعظم في الشر والمصيبة أن يقام بهذه المغامرة بحثاً عن السلطة باسم الدين.

 

٩-ثم إذا حوربت الجماعات الإسلامية السياسية السائرة على طريق القوميين والشيوعيين فأنت محارب لدين الاسلام عندهم!.

 

١٠-رحم الله الإمام ابن تيمية لما بيّن طريق الصحابة -رضوان الله عليهم- فقال ما معناه أنهم يخبرون بالواقع ويأمرون بالواجب.

 

١١-فبيّن وصفين لخدمة الدين الحق لابد منهما:

أحدهما: الإخبار بالواقع كما هو بتحديد ودقة.

والثاني: الأمر بالدين والأحكام الشرعية الصحيحة.

 

١٢-أمّا تزوير الواقع بالخيالات ونعش النفس بالأوهام وزرع روح العتو والغطرسة فلا تنتج إلا طواويس تترنح من سكر الأهواء وتحسن استعراض الألوان وتقذف بالجماهير إلى التهلكة والفتن والدماء!.

 

١٣-إن وجود نجاحات شخصية محدودة في أعمال لا يعطي الدولة بمجموعها قوّة وتمكناً في مقابل ما عليه العالم اليوم.

 

 

١٤-فهذا من ناحية شق الإخبار بالواقع كما هو، بأرقامه؛ بحقائقه؛ بعيداً عن فكر التفلسف وما يضفيه على الواقع من سكر وكذب.

 

١٥-أمّا في الشق الآخر من الأمر بالواجب:

فأحكام الله -عز وجل- لا تأتي بحسب أهواء الناس ورغباتهم.

بل تأتي بحسب حكمة الله -عز وجل- والدين الذي رضيه.

فليس فيها إلا الإيمان والتسليم.

خصوصاً في باب السلطة والتي يأمر فيها الله -عز وجل- بالإقرار بشرعية السلطة المسلمة القائمة؛ وتحريم منازعتها؛ وترك الخروج عليها؛ والصبر على نقصها؛ وخطئها؛ وطاعتها في المعروف؛ وترك الإنكار العلني عليها؛ وإنما النصيحة في السر فقط.

فهذا الذي يأمر به الله -عز وجل- يتعارض تماما ً مع ما عليه الجماعات.

وهنا التحدي الأكبر: تقديم الدين أو الهوى؟

هل سيحرّف الدين ليتمشى مع الديمقراطية!! وتصنع لعبة الجماعات من التمسك بمبادئ الغرب ثم تفسير الدين بها ثم لعن الغرب سياسياً ومحاربته؟!

 

١٦-إنها معادلة واضحة وليست صعبة على الفهم؛ لكنها تعارض أهواء الكثير وتصطدم مع مدارس وتيارات السياسة -دينية وغير دينية- وتضع المسلم في إطار الغربة التي بشّر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذي يصلحون ما أفسد الناس من سنتي".

 

كتبه الشيخ الفاضل / أحمد السبيعي

10 ربيع الأول 1443

الموافق 16 / 10 / 2021

المرفقالحجم
الراحة الكاذبة.pdf‏128.13 ك.بايت