الحمدُللّه على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليمًاكثيرا ؛أمّابعد :
أيهاالناس:
اتقوا اللّه تعالى واعلموا أنّها لا تكفي شهادة أن لا إله إلا اللّه حتى تشهد أنّ محمدًا رسول اللّه ، فالشهادتان هما الركن الأول من أركان الإسلام.
ومعنى أشهد أنّ محمدًا رسول اللّه: أي أعترف وأُقِر بقلبي وأنطق بلساني أنّه رسول اللّه حقًا، أنّه رسول ربّ العالمين -صلى اللّه عليه وسلم- ولا يكفي هذا حتى تتّبعهُ فيما أمر وفيما نهى، فلو شهدت أنّه رسول الله؛ ثُمّ لم تطاوعه، ولم تمتثل ما جاء به، لم تحقق شهادة أنّ محمدًا رسول اللّه.
فمعنى أشهد أنّ محمدًا رسول اللّه أو من معناه: طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يُعبد اللّه إلا بما شَرع، هذه الكلمات توضح لكم معنى شهادة أنّ محمدًا رسول اللّه.
وأنّها ليست مجرد لفظ يقال باللسان، طاعته فيما أمر، تطيعه فيما أمرك به من الأوامر ولا تخالف ذلك حسب هواك ورغبتك، قال اللّه - جلّ وعلا-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗوَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُولَهُ فَقَدْضَلَّ ضَلَالًامُبِينًا} [الأحزاب/٣٦].
ثانيًا: أن تُصدّقه فيما أخبر، أخبر -صلى اللّه عليه وسلم- عن الماضي وعن المستقبل، وعن الجنة والنار وما يجري، فتُصدّقه في ذلك ولا تشك في شيءٍ مما صحّ عنه -صلى اللّه عليه وسلم- من الأخبار، فمن شكّ في ذلك لم تكن شهادته في رسالة محمد صحيحة؛ لأنه كذّبه فيما أخبر عنه -عليه الصلاة والسلام-
واجتناب ما نهى عنه: كما تطيعه فيما أمر، تجتنب ما نهى عنه، قال الله –جلّ وعلا-:
{وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر/7].
واجتناب ما نهى عنه، وألاّ تعبد اللّه إلا بما شرعه رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم- هذا فيه اجتناب البدع والمـُحدّثات، فلا تتقرّب إلى اللّه ولا تعبد ربّك إلا بشيء جاء به نبيّه -صلى اللّه عليه وسلم- وشرعه لك.
لا تُحدِث البدع وتتقرّب بها إلى اللّه، لا تُقبَل عند اللّه ، قال - صلى اللّه عليه وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
فلابد من هذه القيود في شهادة أنّ محمدًا رسول اللّه، فليست لفظًا مجردًا يقال باللسان فقط.
اتقوا اللّه عباد اللّه واعلموا أنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى اللّه عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة فإنّ يد اللّه على الجماعة، ومن شذّ شذّ بالنار.