الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلهِ وسلم، أما بعد،
فكانَ آخرُ كلامنا في الإسبوع الماضي تتمة ذكر بعض آثار الذنوب والمعاصي-نسألُ الله العافية والسلامةَ لنا ولإخواننا المُسلمين جميعًا-وتَبيَّن لنا بما لا يدعُ مجالًا للشك؛ أنَّ العاقِل إذا تدّبرَ الآثار الوخيمة التي تترتّبُ على الذنوب والمعاصي؛ غيرَ ما ادُّخِرَ للعاصي من الوعيد عند اللهِ - جلَّ وعلا-، فإنَّ ذلك دافِعًا لهُ بكلِ قوة ليُقلِعَ عن كُلِ ذنبٍ وعن كُلِ معصية.
وقد ذَكرنا شيئًا مُختصرًا مما ذكرهُ أهلُ العلمِ في ذلك، ورأينا كيف أنَّ آثار الذنوب والمعاصي تتنوعُ على كل مصلحةٍ ومنفعة فَتُفسِدُها، إبتداءً بالقلبِ وما تجعلُ فيهِ من الوِحشة، ومن زوالِ أسباب العلِم، ومن البُعدِ عن الله-تباركَ وتعالى- فضلًا عن الأمراض التي تورثها في القلوب عياذً بالله-تبارك وتعالى-، ثمّ بالبدن ثمّ في العقل ثمّ في الوجوه ثمّ في مصالح الإنسان، وتعطيلِ وقتهِ وتغيير همتهِ وتغيير إرادته، بدلًا من أن يسعى فيما خُلِق لهُ من عبادة الله-سبحانهُ وتعالى-، فينشغلُ بالأمور التي ليست فقط أنّها تُثقلُ سيرهُ أو تعطِّلهُ إلى الله-جلَّ وعلا-، ولكنّها أيضًا تُبعِدهُ عن الله-جلَّ وعلا-.
وإلاّ فإنَّ الربّ-جلَّ وعلا- يُحبُ من عبادهِ المؤمنين كما قالَ اللهُ سبحانهُ وتعالى:{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}[ال عمران 133 ]، {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد 21 ]. ويقول النبيّ-صلى اللهُ عليه وسلم-: ((ِإنّ اللهَ تَعَالَى: يُحِبُّ لكم مَعَالِيَ الأُمُوِر وَيَكَرهُ لكم سَفْسَافَهَا)).
فكيف بما ليس هو من الفضول المباح؟! أو من الأمور التي تُشغلُ ولكنّه يكون من الأمور التي تُوجبُ شيئًا من الآثار؟ّ أقلُّها النُكت السوداء التي تُجعَلُ في قلب العبد حتى إذا تكاثرت؛ سمعنا من قبل وذكرنا ما توجبهُ كثرةُ هذه الذنوب؛ من الصمم ومن البَكمِ ومن غيرِ ذلك من فساد أسبابِ الإدراكِ والعِلِم والتمييز بين الحقّ والباطِل!
-طبعًا أوردنا سؤال وأنا أُحبُ أن أُعيدهُ لأنَّهُ مُهم، لأنّهُ يُشكِل على بعض العقول أحيانًا فيقولُ القائِل: إذا كانَ هذه الذنوب والمعاصي كُلُّ ذلك هو من آثارِها فما بالُ كثير من المسلمين يُسرفونَ على أنفسهم ويُكثرونَ من بعض المعاصي غافلين عن الله-تبارك وتعالى- وعن اليوم الآخر؟! كيفَ لا يشعرونَ بهذه المصيبة الجَلل وكيف قلوبهم لا يحصل فيها من الشعور بما هم فيهِ من هذه الشّرور كلّها التي هي سببُ الآثامِ والمعاصي؟!
-فكان الجواب جواب أهل العلم: أنَّ سَكرَةُ الهَوى وخَدَرهُ، وما هم فيهِ من البعد فضلًا عن مشابهة أمثالهم ممن يفعلُ مثل فعلهم فضلًا عن الغفلة، فضلًا عن التسويف، فضلًا عن مداخِل الشيطان الكثيرة التي منها إحسانُ الظنِ بالله- عزَّ وجلّ- مع قليلٍ من العملِ يُتقربُ فيهِ إلى الله، وغير ذلك من الأسباب التي تجعل العبد لا يستشعِرُ أنّهُ مرتكبٌ لأمر يقتضي منه الفزع واليقظة، ويقتضي منه أن يقوم لله-تبارك وتعالى- قَومَة صدق، ولذلك ينبغي للمُسلِم أيًا كانت مرتبته في العلم أو العمل أن يُجدِّد إيمانهُ كما أمر النبيّ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقالَ ما معناه: ((إنَّ هذا الإيمان يخلُقُ في صدرِ أحدكم كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم))، أو كما قالَ- صلى الله عليه وآله وسلم-.
إذًا فيجب على المُسلم أن يُجدد إيمانهُ وأن يُجدد دينهُ.
وأن ينتبه فإنّ العبد مع إِلْفِ المعاصي وكثرتها وكونها حولهُ يوميًا وما أشبه ذلك بأنواعها، وهذا قلنا أنّهُ هو أحد آثار المعاصي فإنّهُ يقلُ عندهُ إستقباحُها، ويزولُ من قلبهِ عِظم مرتبتها وقُبحِها.
فهذا هو نوعٌ من آثارِ هذه المعاصي الوخيمة، ولذلك رُويَّ عن عليٍ- رضيّ اللهُ عنهُ وأرضاه- أنهُ قالَ في قولتهِ المشهورة التي يستحسنُها أهل العلم قال: "لا يخافن عبدٌ إلا ذنبه ولا يَرجُونَّ إلا ربه"
علّق شيخُ الإسلام ابن تيمية-رحمهُ الله- على هذه اللفظة قال: "هذه من جواهِر الكلم، فَكُل ضرر يلحقُ الإنسان في دُنياه أو أُخراه سببهُ الذنوب والمعاصي، وليس هناك منفعةٌ لهُ إلاّ طاعة الله وطاعة رسولهِ- صلى الله عليه وسلم- وتقوى الله عزَّ وجلّ-"، فلا يضر العبد شيء إلاّ ذنبه، ولا ينفعهُ إلا ربهُ- تبارك وتعالى-.
طبعًا هنا حتى يتم البحث ولا يكون لهُ مُتعلِقات رئيسة؛ أساسية كما يُقال اليوم، فطبعًا من ناحية الذنوب والمعاصي أُحِب أن أُنبه إلى أمر وهو أنَّ اليوم إذا قيل لفظة معصية؛ يتبادر إلى النّاس أنواع مُعينة من المعاصي، إذا قيلَ معصية أو معاصي يتبادر إلى النّاس أنواع معينة من المعاصي هي التي تسبق إلى الذهن، وفي الحقيقة هذا فيه تقصير في فهم معنى المعاصي!
المعاصي لفظة تشمل كُلّ إخلال بواجِب أولًا، مما يدخُل أوليًا في معنى المعصية ويغفل عنهُ الناس، ما يكون من معنى الواجب الذي أوجبهُ اللهُ- تباركَ وتعالى- على عبادهِ في أي شيءٍ من الأشياء، فالإخلالُ بالواجب معصية، ثُمَّ مُخالفة الأمر ثُمَّ أيضًا إرتكاب النّهي معصية.
فالمعصية لفظٌ عام يشمل كل إخلال بمقصود الدّين وما يجبُ على المكَلّفين، ولذلك حتى يُحقق العبد القلب السليم، ينبغي لهُ أن يتخلّصَ من خمسةِ أجناسِ أو أنواعٍ، لأنَّ لفظة الأجناس حقيقة تُستعمل في كلام أهل العلِم ابن تيمية، وابن القيّم، لكن نظرًا لما حدثَ في هذا الزمان من سوء توظيفها والإغرابِ فيها وإدخال معاني على وجه الفتنة فيها! فنحنُ نُحِب أن نعدِل عنها إلى أن نقول أنواع وكذا.
المقصود حتى يُحقق العبد القلب السليم فهو يحتاج إلى أن يتخلص من خمسة أنواع من المعاصي:
1-الشِرك بأنواعهِ، وهذا لا يكونُ إلا بتحقيق التوحيد لله- تبارك وتعالى-.
2-القسم الثاني: البدع المُخالِفة للسُنة، وهذه تأتي في المرتبة في ذكرِ أهل العلم، لأنَّما أذكرهُ لكم من قبل ومن بعد-إن شاء الله-فإنّما نحن نُلخِص كلام أهل العلم، فأهل العلم السُنة تأتي بعد التوحيد، فلما يتجاوزها المسلِم؛ يتجاوز موضوع السُنة إلى طاعات الله-تبارك وتعالى-الأخرى، والتخلّص من أنواع المعاصي ثُمَّ يكونُ هو في السُنة؛ ليسَ على السُنة! وليس على ما عليهِ أهل السُنة! فهنا يكونُ فيهِ خلل عظيم جدًا.
ومن هنا احتاج السلف الصالح؛ لأنّ الإنسان من طبيعته أنّ التدّين يراد به كف النّفس عمّا تهواه وتشتهي، ويراد منها إلزام بما ظهر من ظاهر الشريعة من أمر الله-عزّ وجل- كالصلاة أو الصيام أو غيرها، مع الأمور التي تشتركُ فيها البشرية في أصلها العام كحب الله-تبارك وتعالى- مثلًا، أو القصد إليه.
فحين يتديَّن المتَديّن سيحب الله -تبارك وتعالى-، سيقصد إليه سيقوم بفعل الأوامر، سيترك النّواهي الظاهرة، فهذا أمر قد يكون مشترك بين أنواع المسلمين، لكن الترتيب النّبوي للهداية والإيمان والعلم والحق، والذي كان عليه السلف الصالح؛ أنّه بعد توحيد الله ومعرفته لابد من السنّة.
ومن هنا كان من عظيم فقهِ السلف الصالح -رحمهم الله تعالى- أنّهم يُدخِلون هذا الموضوع في صلب أصول السنّة مُختصرِها ومُطولِها، فتأتي عنهم عبارات عظيمة فيها مَثل قول الإمام أحمد الذي استثقلهُ بعض أهل هذا الزمان وردهُ وزيفهُ، وقالوا: نحن غير ملزمين بمثل هذه الكلمات!
قول الإمام أحمد مثلًا –رحمه الله تعالى-: "قبور أهل الكبائر من أهل السنة روضةٌ من رياض الجنة، وقبور أهل البدع من أهل العبادة أو من أهل الصلاح حفرةٌ من حفر النيران".
وهذه عبارات كثيرة عن السلف الصالح: "يا بني إنك إن تدخل على فلان وفلان خير من أن تدخل على عمرو بن عبيد".
وقول بعض السلف –رحمهم الله-: "لأن يدخل ابني على هِيتِيًّا خيرٌ من أن يدخل على فلان وفلان". فالسلف الصالح حين يقرِّرون هذا الأمر:
فهم يريدون لأنّ هناك في زمن النبوة كان الرجل إذا اهتدى إلى الإسلام؛ فليس ثمّة بدع أو أهل بدع حتى يقع فيها! في زمن النّبوة في زمن الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما كان فيه أهل بدع، ما كان في فرق، النبيّ–صلى الله عليه وسلم- أخبر أنّ الفِرَق أنّ البدع تكون متى؟
-بعدهُ –صلى الله عليه وسلم-، وفصَّل فيها وحذّر منها وإلى آخره.
فزمن النّبوة إذا اهتدى الرجل إلى الإسلام؛ هو إسلام، ومع هذا فإنّ دواعي البدع أو الإنحراف عن الصراط المستقيم كامنةٌ في النّفوس إن لم تزُكّى النّفوس بالعلم الصحيح!
ولذلك أحيانًا قَدَر الله –جلّ وعلا- أنّ بعض أصحاب النبيّ-صلى الله عليه وسلم- يعلِّموننا أشياء كالثلاثة نفر الذين قال أحدهم: أقوم ولا أنام والآخر: أصوم ولا إلى آخره.
فهذه لماذا؟ لأنّهم حتى يُعطينا الله –جل وعلا- أمثلة؛ أنّ النفوس إذا تركت لِظُلمها وجَهلها الذي جُبِلت عليه؛ لأنّ الله –جلّ وعلا- خلق الإنسان كما قال ربّنا -تبارك وتعالى-:}إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً{ [الأحزاب:72]، فالظلم يكون في الأعمال والجهل يكون في العلوم.
فالإنسان إذا تركته من غير العلم المنزَّل على النبيّ–صلى الله عليه وسلم- فإن مآلُه إلى الظلم والجهل.
إذًا ففي زمن النبوة لا يوجد غير إسلامٌ حقّ يُؤخذ من فِيّي النبيّ–صلى الله عليه وسلم-، لكن بعد النبوة؟! اليوم إذا اهتدى رجل؛ إذا مات له قريب مثلًا: الأسباب التي عادةً مثلًا تلفت النّاظر أو النّاس إلى تذكر الحقائق التي يغفلون عنها، وأعظمها مثلًا الموت أو غيره من الأسباب، فإذا تذكرَ وبَدأ يبصرُ، فكيف سيتديَّن؟! فهو بالخَيار أو هو أمام مفترق طرق الآن؛ إمّا أن يوفق للسنّةِ من ابتدائهِ، فهذه هي النّعمة العظمى التي لا يعدلها شيءٌ أبدًا، أن يوفق إلى السنّة. وإمّا أن يقع في شيءٍ من الأهواء والضلالات؛ ويكون مخلصًا مجاهدًا في سبيل الله-تبارك وتعالى-، يتعلم ويعمل إلى أن يهديه الله.
وهذه المصيبة الأعظم اليوم، التي يغفل عنها الكثير من النّاس، لأنّ البدع العلمية مثلًا: التصوف، الأشعرية، ما أشبه ذلك، يعني هذه النوع البدع التي يجلس المبتدع مع المهتدي ثمّ يبتدئ يفسد فطرته وعقله!!! ويلقِّنه هذه البدعة وهذا الهوى!
لكن اليوم البدعة المحدثة الجديدة التي أحدثتها الجماعات، لا يستشعر النّاس عظم خطرها، لأنّها لا تُلقن بالعلم! وإنمّا تُؤخذ بالعمل والسلوك، أنتم تعلمون مثلًا أن التصوف أو الصوفية؛ يجعلون العبد يتخلّى عن الدنيا ويُقبل على عبادة الله فيرقّ قلبه، ثمّ يكون طريق معرفته لله-عزّ وجل- ماذا؟
يأتي بعد عبادته لله، فهذا طريق خلاف طريق الأنبياء-عليهم الصلاة والسلام-!!! الأنبياء-عليهم الصلاة والسلام- يأتون لأقوامهم يعرّفون من الله؟! ثمّ ما حق الله؟! ثمّ تفضل هذه شرائع الله.
اليوم البدع الجديدة المحدثة أخذت من الصوفية هذا الأمر، فأنت كمُتديّن لا تُدخل نفسك في الخلافات، وتمسَّك بما عليه كلّ المسلمين، الصلاة، قراءة القرآن، ذكر الله-عزّ وجل-، العُمومات، ثمّ تعبّد لله-عزّ وجل- وكثّر من الخير، لا تدخل في التفاصيل ولا الإختلافات، وعليك بهذا الإسلام بما فيه من أمور عامة مشتركة بين النّاس.
لكنّك لا تكن سلبيًا اتجاه أمّتك وقضاياها وما يُحاكُ ضدها هنا وهناك، لا تكن أيضًا تبتغ الخير لنفسك! لا، يجب أن تتفاعل مع قضايا الأمّة وما يُحاكُ ضدُّها في الداخل من العلمانيين وغيرهم أعداء الإسلام والدّين، وفي الخارج من الكفار المتربِّصين، ثمّ يغذّون في نفسه شيئًا فشيئًا نزعة التكفير التي أخذوها من إخوانهم وسلفهم الخوارج، فأخذوا من الخوارج أقبح خصلة فيهم، وأخذوا من الصوفية أقبح خصلة فيهم؛ فجمعوهما فجعلوا هذا الدّين العام، الذي يقع فيه كثير من المسلمين من حيث لا يشعرون، فيبعدون عن السنّة وعن تفصيل الدّين!!!
هذا خلاف ما أمر به النبيّ-صلى الله عليه وسلم- مفصلًا في أحاديثه الشريفة –صلى الله عليه وآله وسلم-، النبيّ-صلى الله عليه وسلم- صراحةً ذكر –صلى الله عليه وآله وسلم- أنّه سيكون بعده اختلاف، ثمّ أمر بأوامر محدّدة ومفصّلة الذي يجب علينا؛ هذا كلامه –صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ يَعَشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرى اخْتِلافًا كَثيِرًا)).
وضّح الداء، وضّح المرض، وضّح واقع الأمّة، هؤلاء لا يلتفتون إليه ويُبعِدون عن لفت النّاس إليه تمامًا، يعني ما يذكره النبيّ-صلى الله عليه وسلم- تشخيصًا للداء، وما يعاينه المسلم في الأمّة موجودًا؛ هؤلاء يغيبونه عن الوجوب وهو واقع! وفضلًا عن كونه واقع يراه المسلم هو أيضًا ذكرهُ الرسول-صلى الله عليه وسلم-!!! ((مَنْ يَعَشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرى اخْتِلافًا كَثِيرًا))، يقولك لا لا لا وخر وخر وخر!!!
ابعد ابعد ابعد لا تلتفت؛ لا تلتفت إلى شيء! عليك بطاعة الله بالقرآن بالكذا!!!
((مَنْ يَعَشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَليكُم)) هُنا يجب عليك أنت مسلم؛ يجب عليك أن تسمع ما يقوله الرسول –صلى الله عليه وسلم-، ويجب عليك أن تسعى ظاهرًا وباطنًا أن تحقق وصية رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا كنت مؤمنًا بالنبيّ-صلى الله عليه وسلم-!
إذا كنت تتلقّى من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، إذا كنت تريدُ أن تهتدي الهداية الحقّة التي رضيها الله –جلّ وعلا- لك دينًا، لا الهداية التي تُقَنِّنُها وتختارها، وتُقسِّمها بحسب ما تنتقي بهواك أو بعقلك! فتختارُ من العبادات ما يُوافِقُك ومن الدّين ما يَحْسُنُ عندك!!!
((عليكم بسُنَّتي وسُنَّةُ الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، واسمع وأطِع وإنْ تأمَّرَ عليك عبدٌ حَبَشيٌّ وإياكُم ومُحدَثاتُ الأُمُور )).
-إياكم؛ أول الحديث يُنسفُ عند كل هذه الجماعات إلاّ ما رحِمَ الله، وهذه فيها تَجَوُّزْ أن نقول رحِمَ الله هنا إذا استعملت الجماعات هذا الحديث.
أقول يعني استعمال الجماعات لهذا الحديث نحن نقول: إلا ما رحم الله؛ هم لا، هم إذا كانوا في فترةِ تكوين وسَبقهُم الإخوانُ المسلمين وأخذوا من شاء الله من الشّباب؛ فهو يُريد أن يتميز عن هؤلاء الإخوة فممكن أن يستعمل هذا الحديث، لكنَّه يستعمله استعمالاً ناقصًا منقوصًا؛ إمَّا لِيُمرِّرَ عليه مذهب الـمُطوِّر لعبد الخالق وإمَّا يُمرِّرَ عليه المذهب إلى آخره.
فهم يأخذون من السُّنَّة ما يخرجون به عن الحرَّكة الأم؛ والجماعة الأم ثمّ يرجعون إلى أحضانها في النّهاية لأنّهم كلّهم يَصُبّون فيما يسمونه المشروع الإسلامي!
مشروعهم الإسلامي ليس مشروعنا! نحن هدفُنا في الحياة كسر هذا المشروع! الله-جلَّ وعلا- خلقنا خلق أهل السُّنَّة لكسر المشروع الإسلامي الذي قامت من أجلها الجماعات، وإرجاع النَّاس إلى الدّين الأول الذي كان عليه الرسول-صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتَّابعين، هذا الدّين الغريب .
فالمقصود أنَّه إذا أُطلق لفظ المعاصي؛ لا ينصرف فهمُك أخي المسلم إلى المعاصي التي يوجد البواعث الطَّبَعِيَّةُ لها من الشهوات مثلاً! لا، المعاصي شيءٌ عام لكلّ ما يُخالف كتاب الله وسُنَّة النبيَّ -صلى الله عليه وسلم–.
- فكل ما يُخالف التوحيد هو من رأس المعاصي.
- ثمَّ يعقبه البِّدع فهي من رؤوس المعاصي خلاف السُّنَّة.
- ثم الشهوات التي تُخالفُ أوامر الله -جلَّ وعلا- ونواهيه.
- ثُمَّ الغفلة التي تُخالفُ ذكر الله –عزَّ وجل –.
- ثمَّ الهوى؛ هوى النَّفس الذي يُناقض ماذا؟! التجرُّد والإخلاص، الهوى الذي يجعل العبد لا يُخلص لله، كيف الهوى يجعل العبد لا يُخلص لله -تبارك وتعالى-؟! لأنّه يجعلُ لنفسه وجوداً مع الحقَّ بمعنى أنَّ هو ليس مهمةَ أن يكون عبد وقِنْطَرة يُمرر الحقَّ كما يُمرر السابق للاحق كُلنا عبادٌ لله!
حفظت الستة أو حفظت ما أعرف إيش؟! وبلغت ما بلغت من العلم إن وفَّقك الله أن تكون قِنْطَرةً وجسراً يُعبر فيه المعاني الصحيحة مع الإخلاص لله؛ فأنت مُستفيد وإلا قد ينتفعُ النَّاس وأنت المتضرر يا جاهل! يا ظلمٌ لنفسه!
هذه الأمراض التَمَشُّخِّية الجديدة التي عمَّت وطمَّت في ثوب السُّنَّة ليش؟!
قال لك لأنّ السُّنَّة لها علاقة بالعلم! طيب علاقة السُّنَّة بالعلم علاقة أكيدة طبعاً! هيَّ العمود الفقري لدعوة أهل السنّة العلم الشرعي لكن هل معنى هذا؛ أنَّ أهل العلم في أهل السُّنة يُصبح عندهم من الكهانوت كما عند الأحبار والرُّهبان وما أشبه ذلك؟! وهذا يأكل بدينهِ كما حذَّر علي-رضي الله عنه وأرضاه-في وصيَّته لكُمَيل وغير ذلك؟!
فالمقصود ينبغي لأهل السنّة أيضاً أن يعلموا وظيفة العالم، العالم له وظيفة مُحدّدة، يقوم فيها الخير لنفسه-جزاه الله خير- ندعو له، أكثر من كذا لا أبداً!!! فلذلك الطُّلاب النَّاصحين الواعين الصّادقين المخلصين المعتصمين حقيقةً بأصول السُّنَّة؛ هم الذين يسوقون إخوانَهم الذين يسبقونَهم في العلم! يسوقونَهم إلى أن يكونوا على الوجه الذي ينفع فيه أنفسهم وغيرهم.
أمّا إذا كان الطلاب كجُوقَةِ أو حلقة الصوفية مع مَشيَخَتِهم؛ فهنا تبتدئُ اﻵفات!
والإحترام والمحبّة والتقدير واجبة بين كل المسلمين.
إذًا فلا ينصرف الذهن عند النّهي عن المعاصي إلى أنواع معينة، ينبغي أن يكون هناك فقهٌ في معنى المعصية بحيث يشمل الكتاب والسنّة وما دلّ عليه الكتاب والسنّة من اﻷخبار وغيرها.
-كذلك من المسائل المهمّة التي أعتقد أنّها مهمّة لتتمة هذا البحث؛ والعلوم عند الله-تبارك وتعالى-:
أنّ كثير من النّاس يتألم أو يريد أن يتخلّص من شيء من المعاصي؛ ولا ينتبه إلى مسألة مهمة جدًا حقيقًة وهو أنّ المعاصي؛ أصل الذنوب هو ترك الواجبات، أصل فعل المحرمات هو عدم الواجبات، ما معنى هذه اللفظة؟
هذه اللفظة لشيخ اﻹسلام ابن تيمية-رحمه الله-ما معنى هذا؟؟ معنى هذا أنّ الوقوع في المعصية سببه التقصير في القيام في العبودية لله-عز وجل-وذوق طعم اﻹيمان وتقوى الله-سبحانه وتعالى-، فسبب المعصية هو عدم طاعة الله-تبارك وتعالى-، لا تستطيع مثلا أن تفهم هذا المعنى في أكثر في ما أرجو الله -سبحانه وتعالى-من قول الله-جل وعلا-:}اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ{ ]العنكبوت:54[.
فالقيام بطاعة الله وتوحيده وإخلاص الدين له، والقيام بالواجب يبعد العبد عن المعاصي، ويطهّر قلبهُ ونفسه ويجعلهُ هاديًا مُهتديًا.
فالذي يريدُ ترك المعاصي فعليهِ أولًا أن يرجِع لما خُلق له في الإبتداء، وإلاّ فإن كثيرًا من النّاس قد يتركون أنواعًا وألوانًا من المعاصي!
منْ مِن المسلمين يشرب الخمر؟! منْ مِن المسلمين كذا وكذا؟! القلة إن شاء الله، فهل تَرْكُ من تَرَكَ الخمر لأنّه طاعةً لله-عز وجل-مع وجود الدواعي إلى ذلك؟!
لا، قد يكون ليس له الرغبة فيها، ولا نبحث البحث الزائد هل يُؤجر أو لا يؤجر؛ فنرجو الله-تبارك وتعالى-أن يشمل المسلمين جميعًا بعفوه ورحمته.
لكن مقصودي توضيح المسألة، أنا أقصد أن هناك أشياء قد تُترك ليست لله-عز وجل-، لكن صاحب القلب السليم يترك الشيء لله، وهذا أكمل إذا وُجدت الدواعي لشيء ثمّ منع نفسه لله-عز وجل-؛ هذا أعظم في اﻷجر وأقرب إلى الله-سبحانه وتعالى-.
ولذلك النبيّ-صلى الله عليه وسلم-ذكر السبع الذين يظلّهم الله في ظلّه مثلًا: ((رجلًا دعتهُ امرأة ذات حسن وجمال فقال: إنّي أخاف الله)) هنا وُجد المقتضى، وُجد المقتضى وُجدت المكْنَةُ والقُدرة على الفعل ومع هذا تركهُ خوفًا من الله-سبحانه وتعالى-.
ولذلك قال بعض السلف الصالح-رحمهم الله تعالى-ما معناه: "إنّ أعمال البِرِّ يفعلها البَرُّ والعاصي ولا يستطيع ترك المعاصي إلا صدّيق" ما معنى هذا الكلام؟ معنى هذا الكلام أنّ المسلمين يشتركون في القيام بطاعات، يصلي؛ اليوم عنده أناس يصلون في المسجد خرج معهم للمسجد، رأى المسجد ميسورًا ومقدورًا وفيه أجر خرج مرة أخرى، فهو يقوم بالطاعة هذه نعمة من الله-عزوجل- يعتمِر يتصدّق.
ومِن قتل الجماعات هذه للدّين؛ أنّهم مِن قتلهم لصُلب الدّين ولتديّن المسلمين؛ أنّهم يطمئنون النّاس إلى أعمالهم القليلة في طاعة الله-عز وجل-ويعطونهم البِشارات العظيمة!!! خلاص أنت على خير، أنت كذا!
طيب هي المسألة ليست مسألة؛ الأنفع للعبد أن يخاف الله وأن يزيد من العمل وأن يتقيه، لا أن تطمئنهُ! كما رُوي عن الحسن البصري-رحمه الله- أنّه رأى رجلًا يعظ النّاس، ثم أنه يطمئنهم، ويذكرهم بجنة الله وثواب الله، فأخذ الحسن برُكبته وقال: "يا هذا، إنّك إن تجعلهم تعظهم بكتاب الله (أو ما معناه) فتجعلهم يخافون ويرجون خيرًا مما تصنع".
ولذلك لما شُكِيَ إلى الحسن البصري أيضًا -رحمه الله- قوم قالوا: إنّهم يبكوننا! فقال-رحمه الله تعالى-وهو المتربِّي على أيدي أصحاب النبيّ-صلى الله عليه وسلم- من التابعين فقال: "لئن يُبكوكم اليوم فتضحكون غدًا خيرٌ من أن يُضحكوكم اليوم وتبكون غدًا".
فالفقه كل الفقه كما قال علي-رضي الله عنه وأرضاه-:"إن آنس من النّاس إدبارًا وعظهم وإن آنس منهم إقبالًا خفف عليهم"، أو بمعنى ما ورد عنه في بعض الكتب أظن في كتاب العلم لأبي خيثمه-رحمه الله-.
فالمقصود أنّه يجب على المسلم أن يتفقه في هذه الأبواب لأنّه يُحتاج إليها على الدوام، ومع كثرة الفتن والشرور ومثل هذه الأمور فمثل هذه الأبواب لابد وأن المسلم بينه وبين نفسه أن يُكرِّر مثل هذه المعاني حتى تبقى حيةً يقظةً، وتبقى الغفلة بعيدة عنه إن شاء الله تعالى.
فأصل الذنوب إذًا هو عدم الواجبات، فإذا أردت أن تنقل شخصًا من معصية الله-تبارك وتعالى- إلى طاعته فأمرهُ بطاعة الله -عز وجل-، أُأُمرهُ بطاعة الله -تبارك وتعالى-، طبعًا وهذا لا يمنع من إنكار المنكر لكن إنّ المقصد أنّه إذا زاد إيمانه وزاد عمله الصالح سيترك المعصية، لأنّ المعصية إنّما تحصل لعدم الطاعة أو لوجود الحاجة، إمّا لعدم الطاعة كما تقدم أو لوجود ماذا؟ الحاجة، إذا وُجدت الحاجة لمعصية معينة فهو يفعلها لحاجتهِ لهذه المعصية، فإذا استعاض عن هذه المعصية بالحلال الذي أباحه الله -تبارك وتعالى- زال دواعي هذه المعصية من نفسه، وهذه مسألة مهمة فمن أراد ترك المعاصي فعليه أن يطيع الله -تبارك وتعالى- وأن يتّقيه.
نرجع إلى كلام المصنف-رحمه الله تعالى-، قال-رحمه الله تعالى-: (ومنها أن لا يأمن عاقبة الذنب، عاقبة الذنب أثره مطلقه).
وهذه نقطة نبه أهل العلم إلى أن الذنوب لها آثار لكن قد لا تُلحظ، كون الإنسان ما يلحظ آثار الذنوب لا يعني أنها غير موجودة.
قال-رحمه الله-: (ولو كان قبله طاعاٌت كثيرة)، بمعنى أنّه لا يغتر بحسانته، ليس معنى قول الله-جلّ وعلا-:}إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ{ ]هود:114[، وقول النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحُها)) معناها أن أعصي الله وأقوم بحسنات كما يقوله بعض النّاس أو قد يظنه بعض النّاس!!! لا، أنت مأمور بتقوى الله-جل وعلا- بترك المعصية وفعل الطاعة الواجبة، أنت مأموٌر أقلّ الإيمان بالإقتصاد وإلاّ فإنّك حتى لو عملت حسنات وأنت عاصي يشملُك لفظ ( الظالم لنفسه ).
قال-رحمه الله-: (وهو ذنبٌ واحد) يشير إلى قصة آدم -عليه الصلاة والسلام- وإبليس، أنّ آدم -عليه الصلاة والسلام- عصى الله -جلّ وعلا- فيما ذكرهُ الله-عزّ وجل-هذه المعصية من الأكل من الشجرة، ثمّ كانت العاقبة والأثر بعد توبتهِ، وتوبة الله-عزّ وجل-عليه أثر معصيته أنّه أُهبط ونزل الأرض، أمّا إبليس فحقَّت عليه اللعنة الأبدية السرمدية عياذًا بالله - تبارك وتعالى-.
قال:(فكيف إذا كانت الذنوب بعدد رمل عارج؟!) هذه لفظة عربية مشهورة، يطلقونها يعني في الدلالة على كثرة الكاثِرة، لأنّ رمل هذا المكان كثيرٌ جدًا، قال-رحمه الله –ومن هذا قول بعض السلف: (نضحك، ولعلّ الله اِطّلع على بعض أعمالنا فقال: أذهبوا فلا أقبل منكم عملاً!) أو كلامًا هذا معناه، طبعًا أخذ هذا الرجل من السلف الصالح فيما يظهر هذا المعنى من مثل قول النبيّ-صلى الله عليه وسلم-:(( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيرًا ))
أو أنّه أخذه من مثل قول الله – تبارك وتعالى-:{وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:47] كان السلف مثل يحيى بن مُعين وغيره كانوا يبكون بكاء شديد عند هذه الآية، لأنّ عاقبة الإنسان مُغيَّبة ((كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه؟! )) أو كما قال – صلى الله عليه وسلم – لينفخ في الصور، إذًا إياك والتنعُّم فإنّ عباد الله ليسوا بالمتنعِّمين، بمعنى ماذا؟ بمعنى أنّك لا تغفل، ليس معناها أنّك لا تستمتع بما أباحه الله – جلَّ وعلا – لك! لا، المقصود لا تغفل-لا تأمن- لا تترك العمل في حال من الأحوال فهذا هو المقصود.
قال-رحمه الله تعالى –(وأبلغ منه) قوله-صلى الله عليه وآله وسلم- (( إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه )) قال علقمة: كم من كلام منعنِيهِ حديث بلال (يعني هذا)! طبعًا الحديث رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه –.
وقوله-رحمه الله تعالى-(وأبلغ منه) فيه حسن بيانه – رحمه الله – حيث أنّه قدم الأثر عن بعض السلف، ثمّ أعقبه في التصنيف بكلام النبيّ– صلى الله عليه وسلم – فحتى لا يقع في طائلة من قدّم شيئًا على كلام النبيّ-صلى الله عليه وسلم – قال: (وأبلغ منه)!
وهذا تصرف حسن يدلُّك على عمق فهم علوم أهل العلم؛ علماء الإسلام وكيف يحسنون بيان الحق و بيان الدّين، فهذا أمرٌ مما حباهم الله-جلَّ وعلا - إياه، قال: (وأبلغ منه) يعني أبلغ مما تقدم قوله-صلى الله عليه وآله وسلم - (( إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً ))، هذه مثل ما يقال أهل هذا الزمان: حط تحتها كذا خط ((لا يلقي لها بالاً ))، وهذه هني إشكاليّة؛ هذه مشكلة نسأل الله العافية مهمة جدًا؛ أنّ الأمور التي ما ينبغي للإنسان أن يفُوت من أمر ديانته، أو من أمر أشيائه شيء ممكن أن يقتنص الشيطان منه شيئًا يهدم به شيئًا كبيرًا من دينه!
بمعنى أنّه ما ينبغي للإنسان أنّه يحصي الأمور ويكون واضح ويكون دقيق في معاملته لنفسه والأمور متعلقة بدينه، لماذا؟ لأنّه هنا قال: (( كلمة ما يلقي لها بالاً )) ما يظن أنّها بهذه الشناعة وهذا السوء! أو أنّها تَقْبُحُ منه هذا القُبح عند الله-جلَّ وعلا – بحيث تستوجب السخط إلى يوم يلقى الله -عزّ وجل-!!! وهذه مصيبة عظيمة! والله – جلَّ وعلا – نبه على هذا المعنى في محكم التنزيل؛ قال الله– تبارك وتعالى-:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ} [النور:15]
والنبيّ– صلى الله عليه وسلم – لما جاء أسامة لذاك الرجل الذي قال: لا إله إلا الله متعوذًا من السيف، كانوا في جهاد في سبيل الله – تبارك وتعالى – هذا الرجل كافر، فلمّا تمكّن منه أسامة وعلاهُ بالسف ليضربه قال: لا إله إلا الله، فأجهز عليه-رضي الله عنه- ظنًا منه لأنّه قالها من غير صدق إنما أراد أن يحمي حياته هذا ظاهر حاله، فماذا كان من النبي– صلى الله عليه وآله وسلم – قال: ((أقتلته وقد قال:لا إله إلا الله؟! ماذا تصنع بلا إله إلا الله غدًا؟! ماذا تصنع بلا إله إلا الله غدًا؟! )) هل كان في حسبان أسامة –رضي الله عنه وأرضاه – أنّ فعله هذا؛ الذي هو جهاد في سبيل الله وهو يقتله لا لحظّ نفسهِ ولكن قربة إلى الله-جلَّ وعلا –!
هل كان يدور في خلده أنّ هذا الفعل سيكون حُكمه عند الله – عز وجل – بهذه المثابة حتى أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – لامهُ أشدّ اللوم؛ فمازال يكرر عليه – صلى الله عليه وسلم – وهو الشفيق – صلى الله عليه وسلم – على أصحابه – صلى الله عليه وسلم –!!!
فما زال يكررها حتى قال أسامة: "حتى تمنيت لو أن لم أكن أسلمت إلا يومئذ" أو كما قال-رضي الله عنه-.
إذًا فاليحذر المسلم عمومًا وصاحب السنّة خصوصًا؛ والمتديّن عمومًا أيضًا ليحذر من الأقوال أو الأفعال أو الأشياء التي تخرج كردود فعلٍ، أو من غير حسبان! لا، ينبغي للإنسان أن يتدبر أمره ولا يقول قولاً ولا يفعل فعلاً إلاّ يكون متريثًا إذا كان من أمر ماذا؟ الدين، فهذا أمر واجب، وبمثل هذه المراقبة والاستعانة بالله – تبارك وتعالى – يحصل السَداد، أما من يُخَلِّط فإنّه يُخَلَّط عليه، من يُخَلِّط يُخَلَّط عليه الذي يسرف نسأل الله العافية والسلامة.
فالمقصود أنّ هذه الكلمة من سخط الله – جلَّ وعلا – يقولها وهو لا يلقي لها بالاً، لا يظنّ أنّها تبلغ هذا المبلغ توجب له كل هذا الشر وهذه العقوبة.
بسم الله الرحم الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم .
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله تعالى –: "ومنها أنّها تخلع من القلب داء العُجب؛ الذي هو أشدّ من الكبائر".
طبعًا منها عطف على ما سبق من الفوائد المستفادة من هذه القصة العظيمة، قصة آدم-عليه الصلاة والسلام –مع إبليس.
قال:"ومنها أنّها تخلعُ من القلب داء العُجب الذي هو أشدّ من الكبائر"، مثل هذه الأمراض؛ العُجب الأشياء اللي من هذا النوع كما يقول يعني ابن القيم –رحمه الله تعالى -: "وكثير من الناس يتنزَّه عن كثير من القاذورات (يعني الحسية) وهو مبتلى في قلبه بأمراض"، فهذه من المصائب! لأنّ قلع الأمراض القلبية وإن كان ميسورًا إذا شاء الله – تبارك وتعالى – وأكرم – سبحانه وتعالى –، إذا أكرم الله – عزّ وجل - بإرادته تطهير قلب عبده المؤمن كما قال الله – عز وجل-:{أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّـهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}[المائدة:41]، فهناك الله – جلَّ وعلا – من يريد أن يطهِّر قلوبهم، فهي ميسورة ولكن هذه الأمراض إذا كانت مكتسبة من قبل أو وُجِدت أسبابها؛ فإنّ الإنسان قد يضبط أمره الظاهر؛ صلواته الخمس في الجماعة، قيامه بما أوجب الله-عزّ وجل-عليه، أشياء كثيرة، الإنسان تنضبط، لكن ما يجول في القلوب أو ما يقع فيها كما يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – أذكر له كلمة ما معناها يقول: "انتبهوا للقلوب وراقبوها" -رحمه الله تعالى-.
فما يقع في القلوب أمر ليس مكشوفًا أمامك بحيث تستطيع أن تجزم به، وإن كان بفضل الله - جلَّ وعلا – الله – عزّ وجل-جعل لكلّ شيء علامات، لكن مثل هذه الأشياء اللي في القلوب صعب؛ مثل ما نقول؛ يقال في لغة الأطباء تشخيصها، فلذلك قد يكون الإنسان خاصة أنّ الشيطان حريص-نعوذ بالله من همزات ونزغات الشيطان –، فقد يكون الإنسان عنده أمراض في قلبه، هو أحوج أن يتخلص منها من كثير من الأشياء التي يعالجها من نفسهِ، وأخصر طريق إلى تطهير القلوب أمران:
-الاعتصام بالسنّة بصدق.
-وتلاوة كلام الله –جلَّ وعلا – بالتدبُّر، فهذا مما يطهِّر القلب إذا شاء الله-تبارك وتعالى-.
فالمقصود أنّ كثير ممن قد يتنزّه عن كثير من القاذورات الحسية ثمّ يقع في شيء من أمراض القلوب – عياذًا بالله تبارك وتعالى –، من هذا النوع كالعُجب، وأنتم تعلمون أنّ العُجب يُذكر ومعه قرين؛ ما قرينه؟ ما قرين العُجب الذي يذكر معه؟ الكبر، النبيّ-صلى الله عليه وسلم – يستعيذ من العُجب والكبر.
طيب أيهما أسبق في القلب العُجب ولاّ الكبر؟! العُجب، العُجب هو قِنطَرة ووسيلة ماذا؟ الكبر- عياذًا بالله عزّ وجل- لماذا؟ لأنّ العُجب هو أن يظنّ الإنسان أنّ عنده ما ليس عند غيره، كما يُروى عن عبد الله بن المبارك-رضي الله عنه – أوغيره – رحمهم الله تعالى –. العُجب أنه يظنّ أنّ عنده صفة ليست عند غيره،}خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{ ]الأعراف:12[، أنا من نار! أنا عندي شيء ليس عنده! فماذا دفعه هذا العجب إلى ماذا؟ إلى الكبر عن أمر الله – جلَّ وعلا-.
ولذلك كان النبيّ-صلى الله عليه وسلم – يستعيذ من هذا الداء، الذي هو داء العُجب، إياك أن تقول أو أن تظن ما يقوله الناس في هذا الزمن إذا فتح الله – جلَّ وعلا – عليه بشيء في العلم أو في العمل هه؟ على طول يغتاب يظنّ إيش؟! يظنّ وإن كنتُ الأخيرُ زمانه لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل!!!
فهذا يدلُّك على عُجب وجهل، هذا معناها ما عرف ما كان عليه السلف الصالح – رحمهم الله تعالى-
فالمقصود أنّ هذه القصة يقول الإمام: تخلع داء العجب، لماذا؟ لأنّ عاقبته وخيمة، ولأنّه حتى لو أن الإنسان أُتِيَ شيئًا حسنًا من نعم الله فعليه أن يشكر الله على فضله وإحسانه؛ له الحمد والشكر، لا أنّه يستعمله في ضرر نفسه!!
ولذلك ذكر بعض أهل العلم من فوائد تقديم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:5] في سورة الفاتحة ذكر بعض أهل العلم – رحمهم الله تعالى- أنّه ذُكِرت العبادة قبل التوكل على الله – سبحانه وتعالى –، فقال بعض أهل العلم حتى يُذكِّر بالله وحَقّه والتوكل عليه فينفى عن نفسه العُجب، فلا يعجب بعمله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، فأُخرت الاستعانة على العبادة حتى يَتذكر المسلم أنّه عبادتك أصلاً كما يقول الشافعي– رحمه الله تعالى – ما معناه" أنّه لأنّ كل صلاة نصلي بها على النبيّ– صلى الله عليه وسلم – تستوجب؛ أو كل حمد نحمدُ الله – جلَّ وعلا – بهِ فإنّه مستوجب لحمدٍ آخر نؤدي به شكر الله أن وفقنا على حمده" هذا كلام الشافعي من غير تكلف منا – رحمه الله –.
كلام السلف في هذه الأبواب جامع قوي عميق من غير تُرّهات وإشارات الصوفية – قبحهم الله-طيب، فهذه الكلمة من الشافعي-رحمه الله تعالى –يقول لك: أنّه إذا حمدت الله، فأصلاً هذا توفيقك أن تحمد الله – عز وجل – هذه من نعم الله عليك تستوجب ماذا؟ أنّك تحمد الله أن وفقك على أنْ حمدته! انظر إلى الفقه، وهذا من فضل الله – عز وجل – أنّ الحسنة تأتي بأختها، ولكن حسنات تأتي بعُجب؟! حسنات تأتي بأمراض؟! هذا المعصية ولذلك ذكر أهل العلم إنّ من رحمة الله ببعض عباده أن يبتليهم بشيء من المعاصي حتى يَكسِر نفوسهم له-تبارك وتعالى-، ويذلهّم له – تبارك وتعالى –، فقد تكون المعصية في حق بعض النّاس في بعض الأحوال؛ خير له لأنّها ترجعه إلى أصل ما خلقه الله – تبارك وتعالى – من عبوديته والذلّ له – سبحانه وتعالى –، فنسأل الله – تبارك وتعالى – بأسمائه الحسنى وصفاته العلا لنا ولإخواننا جميعًا أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وسلم.
-السؤال الأول:
-طبعًا يقول كيف يجدد المسلم إيمانه؟
-الجواب:
-يجدد إيمانه طبعًا بالأخذ بأسباب تجديد الإيمان؛ بالرجوع إلى الله – سبحانه وتعالى-، بسؤال الله – عزّ وجل – الهداية وتجديد الإيمان، بتلاوة القرآن، بالتوبة إلى الله – سبحانه وتعالى – بتدبر أمره لا يكون مبتلى بشيء، أو بمخالفة ولا يعلمها من نفسه، يسأل الله – جلَّ وعلا –، إن كان النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو النبي– صلى الله عليه وسلم – يقول: (( اللهم اغفر لي ذنبي كله، دِقَّهُ وجُلَّه، ما علمت منه وما لم أعلم)) وهو النبيّ– صلى الله عليه وسلم –!!! فيسأل الله – جلَّ وعلا – أن يقيهِ الذنوب، ويسارع إلى الله - عز وجل – ويكون عمله دِيمة؛ بمعنى أنّه لا يجددّ إيمانه في وقت ثم يفترُ في أوقات أخرى، فإنّ الله-جلَّ وعلا – وصف المؤمنين باسم الفاعل التائبون الحامدون العابدون السائحون الراكعون، وهذه الصفة وهذه الصيغة تقتضي المداومة، كان عمل النبيّ– صلى الله عليه وسلم – دِيمة، كان أحب العمل إليه أدْومَهُ وإنْ قلْ، فهذه مهمة في تجديد الإيمان.
-السؤال الثاني:
-يقول: أيهما أخطر وأضر التخذيل أم المخالفة؟ وكيف يكون التخذيل؟ وهل يكون الرجل مخذلاً ويكون سلفيًا؟
-الجواب:
-طبعًا هذا يحتاج إلى شرح حتى يتنزل على واقعنا اقصد على ما هو موجود، لا اعتقد مراد السائل هو مجرد بيان معنى التخذيل وبيان يعني؛ لا هو في الحقيقة أن كلاهما ذكرهما النبي – صلى الله عليه وسلم – في سياق واحد، حديث النبي– صلى الله عليه وسلم – حديث (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله )) هذا الحديث له ألفاظ، النبي– صلى الله عليه وسلم – أحيانًا يقدم أحدهم على الآخر، يعني في بعض ألفاظه (( لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم )) وفي بعض ألفاظه يعني يُقَدَّمُ هذا وهذا، فهذا يدل على أنّ كِلا الأمرين هما وقوف في وجه الحقّ وصد عن سبيل الله، فالصد عن سبيل الله – تبارك وتعالى – له صور؛
المخالفة صد عن سبيل الله – جلَّ وعلا – ووقوف في وجه الحق، والتخذيل وقوف في وجه الحق وصد عن سبيل الله – تبارك وتعالى – هذا باطل وهذا باطل، فكلاهما شر، وكلاهما يقفان في وجه الحق، فقوله: أيهما أخطر وأضرّ؛ طبعًا حقيقة هذه المسألة ينبغي أن تُترك، ينبغي أن تُترك لأنّه بحسب علمي القاصر لا أعلم، لا يوجد كلام لا، يوجد كلام بس ماأستحضِرهُ لأهل العلم حقيقةً في هذه المسألة، يوجد لابن قيّم كلام بس ما أستحضِرهُ.
-السؤال الثالث:
-يقول: هل يكون الرجل مخذّلاً وهو سلفيًا؟
-الجواب:
-الجواب الصحيح والعلم عند الله – عز وجل – على هذه المسألة أنّه يقال هي القضية مو قضية سلفيًا بمعنى ماذا؟ بمعنى أنّه يظهر السنّة، ويظهر أصول السنّة السمع والطاعة، يُقِرُّ بكلّ ما جاء في كتب السنّة سواء كان كتب المتقدمين المسماه بالسنّة، أو كتب أهل العلم التي شُرحت فيها الإعتقادات الصحيحة؛ كالتوحيد والواسطية ونحو ذلك، ويعظِّم أهل العلم من أئمة السنّة، هذا المقصود بالسلفي؟!
إذا كان هذا المقصود بالسلفي طبعًا هذا قد يكون سلفيًا، ويكون تخذيله بحسبهِ يستوجب من الإثم عليه بحسب إقامة الحجّة عليه، وبحسب حالهِ، لأنّ أحيانًا قد يقع الإنسان في شيء من مثل هذه الأمور ويكون مجتهدًا؛ لا يكون قاصدًا للشر.
مثلاً عمر-رضي الله عنه وأرضاه – مثلاً أنا ما أقصد أن أُضفي عليه اسم التخذيل– عياذًا بالله –، لكن حضرني هذا المثال والاستدلال لأنّه يُقرِّب المعنى الذي أردت الاستشهاد عليه، فعمر-رضي الله عنه – لما هَمَّ أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – بقتال أهل الردّة، فكان عمر – رضي الله عنه وأرضاه –يورد على أبي بكر الصديق إرادات وباقي أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم-، وعزم أبو بكر، فهنا هم لم يكونوا في محل ماذا؟ التخذيل، لكن كانوا في محل الاجتهاد للدّين والنصيحة له، لكن كان رأيهم أنّ هؤلاء مثل ما قال عمر لم يَرُضْهُمُ الإسلام، وقال بعضهم أتقاتل قومًا يقولون لا إله إلا الله؟!
فهي مسألة قُدِّرت؛ إذا أنتَ نظرت إلى صورتها فقد تقول: أنهّم كادوا أن؛ أو أرادوا أن يمنعوا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – من قتالهم، وهذا كان من الممكن أن يسبب ماذا؟ شرًا للأمةِ من بعدهم! لولا أن الله – عز وجل - شرح صدر أبا بكر للقتال فقاتلهم.
فأنا أقول أحيانًا: مثلاً مثل هذه المسائل في مثل هذه الأزمنة المتأخرة التي تتداخل فيها الأهواء، وتنقص فيها المعلومات؛ لأنّه حقيقة مشكلة من المشاكل في هذه الأبواب أنّ المعلومات تكون ناقصة عند كثير من النّاس! ما يكون عنده معلومات كاملة وافية عن أعيان النّاس، وعن حقيقة ما هم عليه، فلذلك يكون حكمه ناقص فيهم واجتهاده فيهم.
كذلك أنّ هناك بعض الخلاف اللي قد يقع بين أهل السنّة في أعيان معينة هذا قد يرد، قد يرد أن يُختلف على بعض الأعيان، هذا موجود من القديم كما اختلف في الرواة؛ أحدهم يوثقه والآخر!
ولكن ما يجري من بعض الشرور التي تتعلق في هذه الأبواب إنّما لا تأتي من مجتهدين! نحن نتكلم أن هناك بعض النّاس، أو بعض أهل العلم، أو بعض الطلاب قد يكون عنده اجتهاد في التقدير، فمثل هذا ينبغي أن يُلطف به، وأن يُعذر، وأن يُرفق به؛ لكن المخالفين والمخذلين صراحة ًكبطانة الجماعات؛ كبطانة الجماعات أنصار علي حسن وامتداداته فهؤلاء لا، فهؤلاء هم من الجماعات، هم في حكم الجماعات، لا فرق بينهم وبين الجماعات، ما الفرق بينهم وبين من انتسب إلى التراث وأظهر السنة وهو مع التراث؟! ولذلك تجد المذبذبين أو المزعزعين أو الذين بين هؤلاء وهؤلاء حين تقول له: رجل من التراث وظاهره السنة ما قولك فيه؟
يقول: لا هو أخونا وما شاء الله، ونحن نتعاون معه، يطبق قاعدة الإخوان المسلمين، لاحظت كيف؟ إذًا فالمسألة، أما نحن نقول لا هذا مع التراث خلاص انتهى، تقول: تبدعُّه؟ نقولك: لا ما نبدعه، ما يلزم، ما تُلزمنا أنت بأشياء كما تشاء! لكن بما أنّه مع هذه الجماعة الظاهرة في تبنّيها لمذهب عبد الخالق انتهى الموضوع بالنسبة له!
فبطانة الجماعات حقيقة بعض الأخوة استشكل لفظة البطانة، وأنا مصر عليها، لماذا؟ لأنّ البطانة تكون في داخل الثوب! هذه بطانة طيب، فبطانة الجماعات أين خشونتها؟! خشونتها على من يليها من أهل السنّة، وأما ظاهرها الرحمة لأهل البدع والجماعات، فكيف يكون؟ هؤلاء يخدمون أهداف الجماعات، هؤلاء أقرب للجماعات، ولذلك يومًا بعد يوم يتضح أمرهم، لكن كونهم يخفون أشياء كونهم هذا أمر آخر.
فالمقصود ينبغي أن يفرق بين المخذلين صراحة ممن يكون حكمهم حكم المخالفين، وبين من يكون له اجتهاد في بعض الأعيان، أو اجتهاد في بعض المسائل، أو اجتهاد في تقدير المصلحة والمفسدة في بعض الأمور، فمثل هؤلاء ينبغي أن يُعلم أن هذا أمر لابد منه في أهل السنة، لكن مع المشاورة ومع استيفاء المعلومات ومع النظر والنصيحة للسنة تجتمع قلوب أهل السنة، سواء كان في المسائل، أو في الأعيان، تجتمعُ مثلما اجتمعت في قتال أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – للمرتدين.
-السؤال الرابع: (غير واضح)
-الجواب:
-شرك أصغر، (( من حلف بغير الله فقد أشرك)) قال النبي – صلى الله عليه وسلم -.
-لقّنهُ الكفارة، قل له: إذا قلت كذا، لأنّه قد يكون معتاد؛ لسانه معتاد على هذا الأمر، والعادة صعب الفكاك منها، لذلك قال النبيّ– صلى الله عليه وسلم – (( قولوا لا إله إلا الله )) لمن كان يُقسمُ باللاّت والعزى؛ لأن الألسنة اعتادت على مثل هذا القَسم، فإذا رأيت رجل معتاد قل له: إذا قلت قل: لا إله إلا الله، لقنه لا إله إلا الله، بعد بيان الحكم، فإذا أطاعك في هذه فستنفي هذه تلك إن شاء الله، ويتوب إلى الله – سبحانه وتعالى -.