أصول السنة عندنا ما كان عليه أصحاب رسول الله


التصنيفات
الشيخ: 
القسم العلمي: 
  • الشيخ: أحمد السبيعي
  • العنوان: أصول السنة عندنا ما كان عليه أصحاب رسول الله
  • المدة: 55:03 دقائق (‏12.61 م.بايت)
  • التنسيق: MP3 Mono 22kHz 32Kbps (CBR)
التفريغ

الشيخ أحمد السبيعي: فنظرًا لمرض الشيخ ولغيابه – شافاهُ الله – ورغبة بعض الإخوان في إعمار هذا المجلِس بذكر الله نقرأُ ونتذاكر ما سبق دراستهُ في هذا المجلِس من هذه الأصول، فيقول الإمام أحمد- رحمهُ اللهُ تعالى- (أُصولُ السُنة عندنا التمَسُك بما كانَ عليهِ أصحابُ رسول الله- صلى الله عليهِ وسلم- والإقتداء بهم وترك البدع)، فقولهُ -رحمهُ الله تعالى- (أُصولُ السُنةِ عندنا) لابُد من مُقدِمة يسيرة قد تُعين، لأنَّ العلِم أحيانًا قد يُحتاجُ في معرفةِ بعضِ مسائِلِهِ معرفة أمور قد تكون أجنبيةً عنه، بمعنى أنَّ معرفة بعض الأشياء في تلك الأزمنة يمكن الإشارة إليهِ بهذا الصَدد هو من جهةِ اللُغة، من جهة اللُغة، فالقوم كان لهم لُغة يتخاطبونَ بها، ونحنُ نعلم أنَّ اللُغة العربية هي لُغةُ القُرآن والسُنة، ولما نقول اللُغة العربية هي لُغة القُرآن والسُنة أيضًا هذا ليس على إطلاقهِ، يعني بمعنى أنه لابُد أن نفهم أنَّ القُرآنَ والسُنة قد نزلَ القُرآن على لُغةِ مُضَر من بينِ سائرِ لُغات العرب، إذًا فاللِسان العربي أوسع من لسانِ مُضر، لكن القُرآن نزلَ بأي لُغة؟ بلُغةِ مُضر، إذًا فيُهِمُّنا معرفة لُغة مُضر حتى نعرف معنى القُرآن والسُنة. طيب، هناك لغة تنشأُ بسبب حاجات الناس ومخاطباتهم فيُصبح لهم عُرف في كلامِهِم فهذا العُرف الموجود في زمن السَلَف الصالِح لابُدّ من الإنتباهِ لهُ حتى نستطيع أن نفهم لغتهم ونفهم كيف فهموا كلام الله وكلام الرسول- صلى الله عليهِ وسلم-، ولذلك قال الإمامُ أحمد- رحمهُ الله تعالى- نفسهُ إمامُ أهل السنة: (أَكْثَر مَا يُخطىء النَاس مِنْ جِهَةِ اللُغة وَالقِياس) لماذا؟ القياس سيأتي، يعني الشيخ سيشرح لكم أنَّ السُنة لا تُضرب لها الأمثال ولا تُقاسُ بالعقول، وسيُشبِعُها إن شاء الله بحثًا، لكن نأخُذ الشَطر الأول وهو أنَّ أكثر ما يكون الخطأ من جهة اللُغة، كيف يكون الخطأَ من جهة اللُغة؟ يكون الخطأَ من جهة اللُغة بأسباب، إما بالتعويلِ على اللُغةِ وحدها في الفهمِ بمعزلٍ عن فهمِ السَلفِ الصالِح، فهُنا يقعُ في إيش؟ يقع في الخطأَ! لأنهُ ليس لهُ أن يُعوّلَ أو يعتمد على اللغة فقط، ما يصير لا! لابد العلم مُرتّب، يقول الإمام الشافعي العلم يؤخذُ من فوق، من أصحابِ رسول الله- صلى اللهُ عليه وسلم- إذًا العلِم يؤخذُ من أعلى إسناد، من الذين نقلوا لنا الوحي، نأخذُ منهم الفهم، وهذه المسألة التي بدأ فيها كما سمعتم الإمام- رحمهُ الله-، إذًا فلما يأتي إنسان إلى اللُغة مُجردةً عن فهم السَلَفِ الصالِح حتمًا أنهُ سيُخطيء، كذلك إذا صارَ إلى حُوشي اللُغة وغريبها يعني إذا صار يُفتش، في اللغة، يعني يقول الإمام الشافعي- رحمهُ الله-: (إنَّ أوسَعَ الألسنة لسانُ العرب) أوسع الألسِنة بالمعجم العربي، اللسان العربي أوسع لِسان، ليس من هَذَرِهِم، وليس من إسرافِهِم في القول، لا! فإنهُم قد اتفقوا على أنَّ البلاغَة هي تأديةُ المعنى بأوجز الألفاظ، يعني سِعةُ لسانِهم لا يعني أنهم لا يتمكنونَ من التعبير عن ما في أنفسهم إلا بالكلام الكثير، لا! ولكن هذا من جهةِ غلاء لُغَتِهِم وثرائها فلغتهم ثرية وغنية عظيمة، ما يحتاج حتى يصف الشيء إنه يُقيم جُملة! لا، في لفظة، في لفظة مُعيّنة تدلُ على وصف مُعيّن خاص، يعني مثلًا الطائر إذا حلّقَ بِجناحيهِ واقِفًا في الجوّ، فأنتَ تصفهُ تقول: رأيتُ طائرًا يُرفرف بِجناحيهِ دون أن يتحرك من مكانه، حصلَ المقصود، عندهم لفظة الحين والله ما استحضرها حقيقةً، لكن عندهم لفظة تدل على هذا المعنى فقط، يعني ليست لُغة سوابِق ولواحق ، لُغة ثرية ، لأنَّ الله- جلَّ وعلا- اصطفاها أن يتكلم اللهُ بها، أن يتكلّم الله- عزَّ وجلَّ- بها بوحيهِ الذي سيبقى حجة على الخلق، وحسبُك بذلك دِلالةً على شرفها ودلالةً على أهميتها، ودلالةً على غلائها وثرائِها... إلخ، طيب، إذاً لما يأتي إنسان ويبحث في ثنايا هذه اللُغة عن شيءٍ يُريد أن ينصُرَ فيه هوىً في نفسهِ، سيتمكن! سيجدُ شيئًا يُلبِّسُ فيهِ على الناس، فإذًا تضليلُ الخلقِ باللُغة هو دأَبُ أهل البدع، يعني هديُ وديدن أهل البِدَع، أهل السُنة لا! يقولُ لك مثلُ ما ذكروا عن بعض السلف الصالِح ( خُذ من الُلغة كالمِلحِ في الطعام) خذ الذي يُساعدك على فهم كلام الله وكلام الرسول- صلى الله عليه وسلم- بموجب هدي السلف الصالِح، أما أن تتخذَ من اللُغة حيلةً حتى تتبعَ غريبها وما شرد منها ثُمَّ بعد ذلك تزعم إنهُ هو من معاني القُرآن والسُنة! كمثل قصد بعض أهل البِدع للفظة (الإله)، (الإله) أئمة اللُغة الذين هُم على السُنة وبفضلِ اللهِ-جلَّ وعلا- بفضل الله، لهُ الحمد ولهُ الشُكر بفضل الله – عز وجل- لهُ الحمد والشُكر- سبحانهُ وتعالى- أنهُ إلى القرن الثالِث، كُلُ أئمة اللغة على السُنة ليس فيهم مُبتدِع، أئمة السُنة الكبار، كلهُم أهلُ سُنّة، لماذا؟ لأنَّ اللُغة مبنيةٌ على النقل لا على الاجتهاد وهم الذين حملوها ونقلوها.

فانظُر إلى عظيمِ رحمة الله وإلى كرمِ الله وإلى إقامتهِ- جلَّ وعلا- لحُجتهِ على عبادهِ، من أنهُ- سُبحانهُ وتعالى- جعلَ خلقهُ الذين يحملونَ هذه اللُغة والذين المرجِع إليهِم لكُلِ أُمة الإسلام، بدعيّها وسنيّها، كلهُم أئمة سُنة، ابنُ الأعرابي صاحبُ سُنة، عبد الملك بن قُريد الأصمعي صاحب سُنة، وهكذا سائر..، سيبويه إمام سُنة، وسائر أئمة اللُغة الذين رووها كلهم أهل سنة، ولكن لما رأى أهل البدع الذين في قلوبهم مرض الذين يتبعونَ ما تشابه منه أنَّ أحسن مدخل لهم للإضرارِ بالدين والانتصار لأهوائِهِم هي اللغة.

صاروا إلى الدخول فيها في أوقات مُتأخِرَة حتى يتتبعونَ ما شَرَدَ وورَد هنا وهناك يتأولونَ بهِ كلام الله وكلام النبي- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم -، ثم دخلوا أيضًا في ترجمة الألسُن الأعجميّة، والكُتُب المذمومة من كتب الفلسفةِ والكلام وغيرها، فأخذوا بعضَ بِدَع الكُفار، ثُمَّ ألبسوها أيضًا ثوبَ اللُغة العربية، وهذا بحث طبعًا واسِع، لما أنا آتي إلى إمام مثل الإمام أحمد أُريد أن أفهم كلامه، ينبغي أن انتبهَ لهذا الأمر كطالِب علم، ليس كل كتاب يُنقل ويُنسب إلى الإسلام عندي سواء، الكُتُب على مراتِب في فائدتها وعلى مراتِب في جودتِها، وعلى مراتِب في أهميتها.

كذلك مما يستعملهُ أهل البِدع من جهة اللغة ويَضرونَ بهِ الدين والناس، اعتمادهم على زُخرُف القول وتكثيرهُ تضليلًا للخلق، ولذلك على الصحيح أنهم سُموا عُلماءَ كلام من هذه الجِهة ولذلك حَذّرَ الرسولُ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- من هذه الصفة في أحاديث كثيرة، بل في مُحكم التنزيل، كما قالَ اللهُ سبحانه وتعالى { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ ... ﴿١١٢﴾ } [ الأنعام ١١٢]، فزُخْرُفَ الْقَوْلِ ليسَ بعلِم، الزُخْرُفَ ليس بعلِم ولذلك كان أهلُ العلِمِ في زمنِ السلفِ الصالِح إذا أرادوا أن يَعيبوا عالِمًا ويطعنونَ في علميتهِ يقولونَ مثلًا شاعِرٌ يُعجبهُ علمهُ، ولذلكَ نَزّهَ اللهُ - تباركَ وتعالى- نبيهُ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن قول الشعر، قالَ{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ ﴿٦٩﴾ } [ يس ٦٩]. ولذلك قال -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (( إن أَخْوَفُ مَا أَخَافَ عَلَى أُمَّتِي مُنَافِقٍ عَلِيمُ اللِّسَانِ)) يأكل بلسانهِ كما تأكل البقرة أو كما قال -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم-، وقالَ –صلى الله عليه وسلم-: ((شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ الفَصَاحة وَالبيان)) أو كما قالَ-صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم-، هذا باب واسِع، فالمقصود اللغة إذا أردنا أن نفهم كلام العلماء والأئمة يجب أن نعرف عُرفُ مُخاطبتهم وكلامهم في أزمنتهم، فحين يأتيني الإمامُ أحمد هنا ويقول (أُصول)، لا ينصرِفُ ذهني إلى ما استقرّ عليهِ الإصطلاح في مسألةِ الأصول، فهذا من الجناية على علمِ الإمامِ أحمد، فإنَّ القوم أعني السَلَف الصالِح أعني العلماء ما كانوا يصيرونَ إلى استعمالِ شيءٍ مِنَ الألفاظ يدلّون فيها على معاني مُعيّنة يُراد بها أشياء في العلِم من جهة الإصطلاح إلا إذا وُجِد المُقتضى، لازم يوجدَ مُقتضى، يُوجَد سبب، أن يُوجَد سبب يُوجَد مُقتضى، يُوجَد دافِع مثلًا الأسانيد راوي يروي عن راوي لم يسمع منه، ماذا نقول؟ نقول مُنقَطِع فكانوا يحتاجون إلى اصطلاحات لماذا؟ لأنهُ طرأت أسانيد، طرأ علم، هذا العلِم يُحتاجُ إليهِ وجوبًا لا تفكهًا ومن مصلحة الدين، فإذًا يُحتاج إلى أن يُوصَف، تصرفات الرواة وعدالتِهِم وضبطِهِم بأوصاف، فهُنا وُجِد نوعٌ من استعمال اللغة استعمالًا اصطلاحيًا لغرضٍ شريف ولمعانيَ صحيحة، فوُجِدَ نوعٌ من مُصطلحات العلِم ولكن لم يكُن من هديهم الحِرص على توليد المُصطلحات والعناية بها، لا، ما كانوا حريصين على زخرفة المصطلحات، ولا كانوا حريصين على أن يقننوا التعاريف بالطريقة التي درج عليها المتأخرون لما وقع الناس في علم المنطق، يعني لما وجد علم المنطق، وترجم، ووجد علماء الكلام فأُدْخل المنطق في علوم أهل الإسلام، فكثرت الاصطلاحات، ما كانوا يستعملون من الاصطلاحات ما يحتاجون إليه، ناسخ منسوخ، محكم متشابه، مرسل، تدليس.

 إذن فلما يقول الإمام أحمد هنا: ( أصول ) نفهمها بمدلولها اللغوي البحت بعيدًا عن الاصطلاح، ومراده – رحمه الله تعالى – بالأصول، كيف نفهم مراده هنا ؟

 نفهم مراده لأنه يقول: (أصول السنة عندنا) عند من؟ هل الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- كان كأهل البدع، أو علماء البدع الذين يحرصون على تعظيم أنفسهم؟!! حاشا وكلا.

 كان من علماء السنة، وعلماء السنة يفرقون فرقًا كبيرًا في المعنى والمبنى في كل شيءٍ عن علماء البدع.

  فالإمام أحمد حين يقول ( عندنا ) بهذا الضمير هل يريد تفخيم نفسه ؟! حاشا وكلا.

 بل إن رجلًا قال له: جزاك الله عنا وعن الإسلام خيرًا.

فقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- : ومن أنا !! حتى يجزيني الله عن الإسلام خيرًا؟!! بل جزى الله الإسلام عني خيرًا.

يعلّمون الأمة من بعدهم أن العلم لا يحقق لمن وقع فيه شيئًا يصول به ويجول على خلق الله، يعلمون الناس من بعدهم أن العلم قربة لله – تبارك وتعالى-، ودين يتدين به كالتلاوة وكالذكر، وكالصلاة، يعلمون الناس النية في العلم، كما قال الإمام أحمد – رحمه الله -: (ما أحسن طلب العلم إذا حسُنت فيه النية ).

إذن فـ (عندنا) هنا لا يمكن أن تفهم أنها على التعظيم، إذن كيف تفهم؟ (عندنا): أي نحن أهل السنة.

(أصول السنة عندنا) نحن أهل السنة نحن هذه الطائفة، الطائفة الناجية المنصورة، أهل السنة والجماعة، أهل الحديث، أهل الحق، أهل الأثر، فكَوْن المسلم ينتسب إلى هذه الطائفة فهذا يجب على كل مسلم أن ينتسب إلى طائفة الصحابة، وإلى طائفة التابعين، وإلى طائفة الحق، هذا من الواجبات الشرعية، ليس هذا نافلة أو فضلًا.

ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- : ( أن السلف الصالح – رحمهم الله تعالى- اتفقوا على أنه لا ينكر على من اعتزى إلى السلف الصالح)، لأنها بعد حصول البدع والأهواء يجب على المسلم.. لأنه لا يوجد اليوم بعد التفرق ما يوجد مسلم وفقط، مسلم ماذا؟ مسلم معتزلي، مسلم جهمي، مسلم أشعري، وفي هذا الزمن مسلم إخواني، مسلم تراثي، مسلم قطبي، ما هو هذا المسلم؟ هناك مذاهب، وكل أهل المذاهب وكل الفرق يعتزون ويفتخرون بأن يعتزوا إلى مذاهبهم، وهذا أمر لابد منه.

وليس فيه تزكية للنّفوس لمّا أقول أنا من الطائفة الناجية المنصورة، أنا من أهل السنّة، هذا ليس فيه تزكية للنّفس، هذا فيه التعريف بمذهبي فقط لأنّ تزكية النّفوس إنّما تكون بالإيمان والعمل الصالح فتكون بما في القلب وتكونُ بأعمال الجوارح، فقد يكون الرّجل من أهل السنّة وقد يكون عنده فسق، وقد يكون الرّجل من أهل السنّة ويكون عنده تقصير، وعنده ذنوب فهذا أمر وارد، ولذلك قال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى-: "قبور أهل الكبائرِ من أهل السنّة روضة من رياض الجنّة، وقبور أهل العبادة من أهل البدع حفرة من حفر النيران، هذا أمر واضح عند السّلف وعند أهل السنّة، إذا كان هذه نسبة شرعية واجبة ذكرها الرسول –صلى الله عليه وسلم- ليست نسبةً ترجع إلى قبيلة، ليست نسبةً ترجع إلى نَسَب، ليست نسبةً ترجع إلى إقليم أو إلى دولة، ليست نسبةً ترجع إلى صناعة، هذه نسبةً ترجع إلى مذهب، فحين يقول الإنسان أنا هذا مذهبي أين التزكية للنّفس؟ ما يوجد تزكية بل هذا واجب شرعًا، الله –جل وعلا- أوجب هذا الأمر، ما أدري أهل السنّة هم على حق أو غيرهم، معناه أنت ضال ابحث عن الهدى، الله –جل وعلا- يقول: { إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٨٦﴾} ]الزخرف ٨٦ [، لابد للإنسان أن يعلم أنّه على الحق، وأن يُعلن بأنّه على الحق إذا وجد المقتضى للإعلان، المسألة ليست تجارة لكن إظهار مذهب أهل السنّة هذا من الواجبات التي أوجبها الرسول –صلى الله عليه وسلم-: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين))، إذن فعند من؟ عند أهل السنّة، عندنا أي عندنا أهل السنة، فصول السنة عندنا في مذهبنا، فإذا علمنا إضافة ذلك أنّ السنّة أصلًا، السنة بمعناها المخصوص الذي هو طريق أهل السنّة والحديث مبنيّة على التّمسك في السنّة فيما اختلف فيه النّاس من المسلمين، يعني السنّة مبنية على التمسك فيما اختلف فيه لا اتفق عليه، وهذا هو مبنى دين الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- وهذا أمر واضح جدا بفضل الله –تبارك وتعالى-، قال الله –جل وعلا-: }كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّـهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ  ﴿٢١٣{ [البقرة: ٢١٣]، الرسول –صلى الله عليه وسلم- حينما كان يدعو في قيام الليل في الحديث المشهور ((اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم))، إذن فلمّا وجدت البدع أهلُ السنّة تصدّوا للبدع وقالوا لا كلام أهل البدع غلط الحق كذا، فصارت هذه هي السنّة، فمبنى السنّة إذن أنّها دلالة للحقّ فيما اختلف فيه بعد حصول التّفرق والإختلاف، أمّا أنك تأتي تُعبّر عن السنّة بما يُتفق عليه وتفرُّ من المسائل التي يُتنازع فيها، فأين تحقق معنى السنّة هنا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في كتابه في شرحه للأصفهانية، ذكر أصول السنة ومبنى مختصرات السنة على ما تفرق فيه أهل البدع والأهواء، تذكر المسألة التي تفرق فيها أهل البدع والأهواء، ولهم في هذا الأمر طرق منها ، مثل هذا المختصر هنا فيذكر في أصل التفرق لا تمام البحث فيه والاستدلال هذا في المبسوطات، إذا في أصول أي أمّات الأبواب في السنة أي التي اختلف فيها أهل البدع، لا تفصيل المسائل ولا تفصيل الأدلة فهذا هو المقصد، مبنى أصول السنة يعني المختصرة مبناها على هذا الأمر، أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه  أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول أهل العلم أعني شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- "ما معنى وينبغي أن يُصار إلى التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ينبغي أن يصار إلى التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً"، يعني ايش؟، يعني العلماء لما يأتون يتكلمون يحرصون بأن يتكلموا بقال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لذلك فيما معناه الإمام أحمد ماذا قال هنا قال التمسك من أين أخذ التمسك، أخذ من القرآن والسنة، لفظة موجودة في القرآن وموجودة في السنة قال -تعالى-:  }فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿٤٣{  ]الزخرف ٤٣ [، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا))،كتاب الله وسنته وعبر هنا بلفظ التمسك بأنها لفظة في الوحي دالة على المعنى وبهذه اللفظة نظائر في القرآن والسنة تدل على معناها، فمن ذلك الاعتصام لفظة الاعتصام كقول الله -تبارك وتعالى-: }وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ...  ﴿١٠٣ { ]آل عمران ١٠٣ [، وقول الله –عز وجل- : }وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّـهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٠١ { ]آل عمران ١٠١ [، من الألفاظ أيضاً الدالة على هذا المعنى لفظة العض، التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم ((عضوا عليها بالنواجذ)) فالعض بالناجذ والتمسك والاعتصام، وقد يعبر العلماء أيضاً عن هذا المعنى بلفظة الأخذ، فكل هذه الألفاظ دالة على الأخذ لكن ليس أخذاً بمعنى مجرد هكذا أخذ، فكلها ألفاظ قوية في الدلالة على قوة الأخذ، يعني هذه الألفاظ إذا تأملت فيها تجد فيها دلالة على ماذا، على قوة الأخذ، تمسّك عضوا اعتصموا تدل على القوة، ولذلك سيأتي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سيؤكد هذا المعنى ويقول يقول بذلك ولا يجْبُن حين سيأتي إلى مسألة القرآن وأن القرآن كلام الله غير مخلوق سيأتي سيقول ماذا؟ يقول بذلك ولا يجْبُن يعني معناه ماذا؟ يقوله بقوة كما قال الله -تعالى-: } يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴿١٢ { ]مريم ١٢ [، لماذا القوة لماذا هنا التنصيص على أن يكون الأخذ تمسكاَ أولاً: لأن هذا لازم ومقتضى الإيمان الصادق لازم الإيمان الصادق أن يأخذ الشيء أي الإنسان إذا أحب شيئاً وصار عنده له به شغف ورغبة هل يأخذه رويداَ أو يسيراً أو يأخذ به بإقبال؟ يأخذه بقوة فهذا لازم من الإيمان أصلاً ثانيا لأن الأخذ بقوة دليل على أن المُكَلف وعلى أن المُسلم وعلى أن صاحب السُنّة يُرِيد أن يَحْمل هذه الأمانة، ويريد أن يَصْدُق فيها ويتدين،لا يريد أن يأخذها أخذ المُتْرَفين الذين يأخذون العِلْم أو يأخذون السُنّة كأنها ديباجةٌ أو كأنها تكملةٌ أو كأنها ما أشبه ذلك من أمور، لا.

كذلك حتى يَحْصُلَ بذلك تمام الانتفاع، فإذا أخذ الشيء بقوة فكما أنه دالٌ على عِظَم الرغبة فهو أيضًا دالٌ على أنه ينتفع. أما إذا أخذها بخَوَرٍ وضَعْف،أي نعم ولكن كما في هذا الزمن الذي صار صاحبُ السُنّة يَسْتَعِّرُّ ويستحي من نِسْبَته إلى السُنّة حتى لو أنه نظر إلى عِظَمِ الأهواء والشُبَه وكثرة الضلالات ثم رأى اللهَ -جلّ وعلا- قد امتنَّ عليك وأكرمك بأن عرفت السنة إذ جهلها الناس، وهُدِيتَ إليها وقد ضلَّ عنها أكثر الخَلْق. فهل هكذا تتعامل مع هذه السُنّة؟ كأنها شئٌ تتميزُ به وتستعمله استعمالًا-عياذًا بالله-، هل السُنّة دين أو شعار؟ السُنّة دينٌ يُتَدَيّن به، فلابد وحتى يعلم المسلم أيضًا أن السُنّة وراءها أحمال، وراءها أمور-نسأل الله العافية والسلامة-، ليست كسائر المذاهب.

ولذلك ورقة بن نوفل-رضي الله عنه- قال للنبي-صلى الله عليه وسلّم- أول ما جاءه وقال له: إنَّ الذي جاءك هو الناموس الذي جاء على موسى-عليه الصلاة والسلام- فقال له:"سيُخْرِجُكَ قومُك"، ورقة يعلم لوازم الحق، لوازم الحقِ الحُبُّ في اللهِ والبُغضُ في اللهِ، العداء، الموالاةُ والمُعاداة.

إذا كنتَ ضعيفًا لا تَقْوَى فالحمد لله، من الممكن أن يكون الإنسان صاحب سنة ويكون ضعيفًا لأن السُنّةَ تشمل كل مسلم وتَسَعُ كل مسلم. جاء رجلٌ إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-فقال له:إني جَبَان، إني رجل جبان، لا أستطيع الجهاد، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: ((عليك بالحج((، مثلما أوصى النساء مع العلم أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أرشد إلى أسباب يُتَّقى بها الجُبْن ومنها الاستعاذةُ من الجُبْن، لكن المقام هنا أن الرجل ليس جهادًا واجبًا وهو يجد في نفسه نوعًا من الإحجام فالحمد لله. دينُنا والسنة تسع كل مسلم، لكن الأمر كما قال النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: )) المؤمنُ القَوي خيرٌ وأحَبُّ إلى الله من المؤمنِ الضعيف، وفي كُلٍ خير)) أخرجه مسلم 2664. ضعيف، جبان، لا تستطيع، الحمد لله، } لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا { ]البقرة ٢٨٦ [،  يعني هذا من فضل الله-تبارك وتعالى- ومن رحمته الواسعة على عباده المسلمين.

ولذلك ردّ أهلُ العلم-المُحَققين من أهل العلم-ردّوا على من سَمّى المسلم الذي عنده أهلية الخطاب أو الذي يُتَوَجّه إليه الأمر والنهي أنه يُسَمّى مُكَلّف، هذا اصطلاح من الاصطلاحات الطارئة في الدين والإسلام ، وهذا الاصطلاح شاع في المسلمين وفي الكُتُب يُسَمَّى مُكَلَّف، هذا إصطلاح من الإصطلاحات الطارئة في الدين والإسلام إلخ، وهذا الإصطلاح شاعَ في المُسلمين وفي الكُتُب، يُسمى مُكلف يعني مُكلُف إيش؟ يعني إنهُ مُخاطَب ومأمور ومنهي، هذه اللَفظة لم يتركها أهل العلِم من أهلِ السُنة تمرُ مرور الكِرام، لأنَّ السُنة هي كالمِنخال تُنخلُ بهِ كل شيء، لا يوجد عندنا شيء مُسلَم إلا قالَ الله وقالَ رسوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ السلف الصالِح، حتى من نحبهُ ونُعظّمهُ ونجلّهُ ونرجع إليه ونُوجِب الرجوع إليهِ من العُلماء عندنا أصل كُل يُؤْخَذُ من كلامهِ  وَيُتْرَكُ إِلَّا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فحاكموا هذه اللفظة إلى قانون العلم وإلى أصل السُنة وإلى، فقال العلماء- رحمهم الله تعالى-هذه اللفظة لا يُستحسَنُ أن تُطلَق لأسبابٍ ثلاثة:

السبب الأول أنها غير معهودة الإستعمال عن السلف الصالِح.

السبب الثاني: أنَّ هذه اللفظة تُشعرُ بالكُلفة، لأنَّ مادة (كَلَفَ) فيها كُلفة، وهذا خِلاف ما نفاهُ القُرآن } لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ.. ﴿٢٨٦{ ]البقرة ٢٨٦ [

{ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ } [الطلاق 7]

والأمر الثاني: أنهُ قد يُشعرُ بصحة  معنى أهل البدع في أنَّ الأوامر والنواهي إنما المُراد بها مجرد الإمتحان، أهل البِدع يقولونَ إن الأوامر والنواهي الدينية والشرعية المُراد بها ماذا؟ المُراد بها حِمِل يُحمل هذا الإنسان وعليهِ أن يحملهُ ثقيل يحملهُ ، وهؤلاءِ هم طوائِف من أهل البِدع كالمُعتزِلة وغيرهم ويبنونَها على أصول فاسِدة عندهم، منها نفي التحسين والتقبيح ومسائل أُخرى، فقال العلماء في الرد- هنا- قالوا: (والأوامر والنواهي هي لَذة النفوس المؤمنة، ونعيم القلوب وقرّة القلوب، عبادة الله، وفعل الأوامر واجتناب نواهيه)، هذه هي السعادة الحقيقة التي يُكرمُ الله –جلَّ وعلا- بها من يشاءُ من عباده في الدُنيا هذه ليست مشقة، الرسول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -  يَقُومُ وَقَدْ غَفَرَ لهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يقول "أَفَلَا أَكُونَ عَبْدًا شَكُوراً ".

إذًا رأينا كيف يُحاكِم أهل العلم كُل لفظٍ مُحدَث إلى السُنة، فالمقصود أنَّ التَمَسُك والإعتصام، هذه الألفاظ لا ينبغي أن تمرّ هكذا لا! هذا لازم يعرف الإنسان المُسلِم أنهُ لابُد أن يصدق في الأخذِ بالسُنة، السُنة ليست معلومات نظرية تأخذها، دين تدين بهِ وتتمسك بهِ إذا وُفقت! إذا وفقَ اللُه -تبارك وتعالى-التمسك بما كانَ عليهِ أصحابُ رسول اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والإقتداءُ بهم.

كم مضى من الوقت؟ لا اللي مضى كم؟

طيب، ما في بأس نختم بمسألة تتعلق بشرح إجمالي للتمسك  بما كان عليهِ أصحاب رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهذا فيهِ يعني الدِلالة على شرح معنى مذهب السلف الصالِح، لما نقول ما هو مذهب السلف الصالح؟ ما هو مذهب أهل السُنة؟ ما هو مذهب الطائفة الناجية المنصورة؟ التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والإقتداء بهم، إذن فهو أنا عندي هنا شيئين ما كان عليه أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم-، ثمّ الإقتداء بهم، طيب لمّا نقول التمسك بما كان عليه الصحابة، ألا يعني هذا أنّنا نتدين بما كانوا عليه لأنّ المقصود أمر دينهم، لا أمر دنياهم، فأمور الدنيا يخلق الله ما يشاء، يعني الله –جل وعلا- لا يزال يُحدث في الخلق أشياء وأشياء، فلمّا نقول التمسك بما كان عليه أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- يعني من أمر ديانتهم، هل خُصّت هذه اللفظة بشيء من أمر الدين وإلا بكل دينهم؟ طبعا واضح أنّ في كل أمر الذي يتعلق بدين أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم-، التمسك بما كان عليه أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- هل خصّت في شيء من أمر دينهم؟ ولا في كل دينهم؟ كل دينهم. إذن العلم والعمل، الإعتقاد والعمل، إذن هنا أمر عام بالتّمسك بما كان عليه أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-، لا يُخص بشيء من أمر الدّين بل يجب الرجوع إلى ما كان عليه أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- في كل أمر الدين، ما يسمّى بالعقيدة، ما يُسمّى بالفقه، ما يسمّى، هذا لابد منه، هذا هو الأصل، هذا هو الواجب، وهذه مزيّة أهل السنة، مزيّة أهل السنة أنّهم يبنون كلّ علومهم على ما كان عليه أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولذلك كان يضربون المثل بصاحب السنّة بأصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- كما قال الشافعي –رحمه الله تعالى-: " أينما لقيتُ رُجلًا من أهل الحديث، فكأنّما لقيتُ رجلُا من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-"، لماذا؟ لأنّ شأنهم أنّهم يعظّمون الصحابة لا تعظيم فقط المنزلة دون الاستفادة من علومهم كما يروج في هذا الزمان، أو أن يتخّذ من تعظيم الصحابة قضية سياسية في مقابل الصفوية أو أن يتخذ من قضية عناية بأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- تجارة لتزكية المذهب أنّ من اعتنى بالنفاح عنهم والطعن على الرافضة أنّه قائمٌ بشأن السنّة، كما في متجارات كثيرة في هذا الزمن، ونحن في زمن التجارة، والرسول –صلى الله عليه وسلم- ذكر أنّ التجارة تكثر، وليس هذا مذمة للتجارة لذاتها، ولكن يكون الذم للتجارة التي لا تُبنى على العمل الصحيح، التي تُبنى على أعمال غير صحيحة فما بالك إذا كانت هذه التجارة بمسائل الدّين وبأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- فالرافضة يُنتصب للرّد عليهم اتّجارا بمحبة المسلمين لصحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ثمّ يأتي هذا السيد قطب وقد فخّمته من غير قصد، أعني سيد قطب، فيطعن في أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- وينال منهم ليل نهار، ويصفهم (...) بالأوصاف المقّذعة ثمّ لا تسقط مرتبته عند من يزعم الانتصاب للرد على الرافضة كثيرا، لكنّه يبقى أديب له أسلوبه أو غير ذلك، أين التّمسك بالسنّة؟، أين الصّدق في التمسك بالسنّة؟، هل هذه المسألة تخفى على المسلم؟

إذن فهنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-، يقولُ الأوزاعي – رحمه الله – لو أن أصحابَ النَّبي – صلى الله عليه وسلم – ما غَسلوا ضُفرًا أو أقرب من هذا المعنى لاتَّبعتُهُم رجاءَ البَّركة في اتِّباعِهم. والأوزاعي هُو الأوزاعي لأنَّ الأوزاعي بعدَ طَبقة الإمام مالِك – رحمه الله – هُو والثَّوري يَعني إذا ذُكر العُّلماء الكِّبار الأئِمة يُذكَر الأوزاعي لأنَّ الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – قال: دخَل، دعْ هذه. المقصود فالتَّمسك بما كانَ عليْه أصحاب النَّبي – صلى الله عليه وسلم – يُراد بِه التَّمسك بِماذا بِكلِّ أمر دينِهم وهذا أمر واضح جدًا كالشَّمس في كَلام الأئمة الكِّبار كل الأئمة – رحمهم الله تعالى – إذًا هُنا نَطرح سُؤال نَقول التَّمسك بِما كانَ عليه أصحابُ النَّبي – صلى الله عليه وسلم – طَيبْ الاقْتداءُ بِهم، هل المراد بها تَّأكيد معنى التَّمسك أو المراد بها معنى زائِد؟ لما نقول الاقتِداء بأصحاب الرَّسول – صلى الله عليه وسلم –، احنا سَبق وقُلنا التَّمسك طيب التَّمسك بما كانوا عليه من أمر الدِّين، أصحاب الرَّسول – صلى الله عليه وسلم –، طَيب والاقْتداء بِهم؟ هذا تأكيد لمعنى التَّمسك طبْعًا تأكيد ولاشك ولكِن أيضا فيه معنى وهُو أن السُّنة هي ما اتُّفق عليه وما جَرى بِه، جرتْ بِه عاداتُ أهل العلم والسُّنة كما يُعبر شيخُ الإسلام هذا كُله سُنة ثمَّ إذا طَرأتْ اليوم بِدعَة جَديدَة، فأيْن محِلُّها من هذه المسْألة؟ هل يقال أن هذه البِدعة الجماعات الإسلامية السِّياسية؟ هل يُقال والله إنه خَلاص وَقف الفرق معْتزله جَهمية خلاص وقف وانتهى هذا يَقوله من لم يَعرف الله، هذا الكَّلام لا يَقوله إلاَّ من يَعرف الله – تبارك وتعالى – دعني ممن لم يَعرف السُّنة لأنهُ لم يَعرف كرم الله ولا يعرف فَضلَ الله – عزَّ وجل- لأن الله من كَرمه وفضله أن يَخلِق لأهل السُّنة لأهل البِّدع الجُّدد يَتقربون إلى الله تعالى بِجهادهِم في كلِّ زمانٍ ومكان فهؤلاءِ يُريدون أن يَحرموا المسلمين ويَحرموا أهل السُّنة من أفضل الأعمال وأقْربها إلى الله – سبحانه وتعالى- فهذا يقول، لا يَقوله، فالمقصود أن الاقتداء بِهم أو الاقتِساء بِهم يُقصد بِها أنَّك تَصنع للبدعِ، في البدعة الطارئة في زَمانِك ومكانِك بِلغتِها الجديدة وصورتها الجديدة ما صنع سلفك الأولون وأهل السنة ببِدع الذي طَرأ في زمانِهم إن كُنت صاحِب سُنة بِحق، واضِح؟

بِضدها تتمايَز الأشياء، إذا جئت إنت لهذا المعنى، التمسك بما كان عليه أصحاب النَّبي – صلى الله عليه وسلم – والاقتداءُ بِهم لما تشوف معنى الضد تَعريف السَّلفية عند أهل البدع بهذا الزمان، يتضحُ لك خُطورة ما نَعيشُه من البدع الجديدة المتسترة بثوب وأوصاف السنة، الزُّنيدي مثلًا هذا رجل من القُّطبيينَ في السُّعودية عافاها الله نصرها وطهَّرها وثبتها على حُكم الشَّريعة ودَفع عنها شرَّ كل ذي شَر، فهذا الزنيدي صنف كتابا حافلا، يتكلم فيه عن السلفية فيذكر في معنى السلفي أنها طريقة في التدين لا تعني التمسك بأشياء محدودة سبقت، يعني يخرج ما اتفق عليه من أصول السنة من مسمى السلفية يعني السلفية هي طريقة تدين، لا، السلفية ليست طريقة تدين السلفية هي ما اتفق عليه السلف، وما جرى عليه أهل السنة، هذه المعلومات وهذه الأصول وهذه هي السنة، هي السنة في كل زمان ومكان، نحن نقرأ كتاب سنة في القرن الثالث الهجري، لكننا نقرأه ونتدين به غضا طريا، ما كأن بينا وبينه إحدى عشر قرنا وسيأتي لنا إخوان إن شاء الله فيما يشاء الله -جل وعلا- أن يخلق في دنياه، سيأتي لنا إخوان الله أعلم بهم بحسب المهلة التي قدرها الله لهذا الكون ولهذا الخلق سيقرؤون أصول السنة وسينسوننا ولن يكون لنا ذكر لن يكون لنا ذكر لماذا لأنهم يكونون أهل سنة يرجعون يتجاوزون الزمان والمكان فهل يعقل أن صاحب سنة يريد أن يوقف السنة في زمانه أو مكانه؟! ويظن أنه وإن كان الأخير زمانه ﻵت بما لم تستطعه الأوائل، هذا صاحب سنة؟! هذا صاحب هوى وتجارة بالسنة، السنة دين يتدين به كل من نصره ينصر كل من قال به كل من صدق فيه يحب في الله دين ليس ببهرج ولا بمعلومات ولا بحفظ وأشياء وكذا، فليعرف صاحب السنة حقيقة السنة وليسأل الله - تبارك وتعالى- أن يؤمن بالدين الحق على السنة حتى ينال بركته اتباع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فبضدها تتمايز الأشياء، كذلك علي حسن يرد على صوفي في بعض رسائله فيقول له إن السنة أو السلفية هي ليست مجموعة عقائد يعني انقضت وانتهت إنما هي طريقة التعامل مع النصوص أو مع الدين، ما هذه الفلسفة؟! ما هذه الفلسفة؟! هكذا تخدم السنة وتنصر؟! لكن هناك أناس لا يريدون أن يطهروا أنفسهم بالسنة ولا يريدون أن ينصروها بحقها ويريدون أن يبقوا لأنفسهم شرف اسمها وددنا لو أنهم نالوا هذا الشرف فأهل السنة يحبون الخير لكل المسلمين ويحبون أن يقع كل مسلم في هذه السنة ويتمسك بها لكن بحقها، أما أن يخونها! فطبعا هنا يعني الأمر واضح في حكم الله -تبارك وتعالى- فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهدينا سواء السبيل وأن يردنا وكل صاحب قصد حسن إلى ما كان عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل أمر من أمور الديانة في الإيمان أو العلم أو العمل وأن يوفقنا (للإئتساء) بهم في كل صغيرة وكبيرة -رضي الله عنهم وأرضاهم- والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وسلم سبحانك اللهم (وبحمدك) أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك لا حول ولا قوة إلا بالله.