سؤال:
ما هي الضَّوابِط الشَّرعية التي يُحافظ بها المسلم على التزامه، وتَمسُّكه بمنهج السَّلف الصّالح، وعدم الإنحراف عنه، والتأثرِ بالمناهج الدَّخيلَة المنحرِفة؟
الجواب:
الضَّوابط الشَّرعية تُفهَم من مجموع ما سَبق الكلام فيه، وذلك بأن يرجِع الإنسان إلى أهل العلم، وأهل البصيرة، يتعلّم عليهم، ويَستشيرُهم، ويَعرِض عليهم ما يجول في فكره من أمور، ليستحضر رأيهم في ذلك.
ثانيًا: من الضَّوابط كذلك؛ التَّرَوّي في الأمور، وعدم العَجلة، وعدم التَّسرّع والحكم على الناس، وإنما يتثبّت الإنسان، قال الله -سبحانه تعالى- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: ٦]، قال -سبحانه وتعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: ٩٤]، تَبيّنوا أي: تَثبّتوا، تَثبّتوا مما بَلغكُم، ثم إذا ثَبت عليكم بِمعالجته بالطُّرق الكَفيلة بالإصلاح والصَّلاح، لا بِالطرق المُعنِّفَة أو بالطُّرق المُشوِّشة، والنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا))، قال –صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّما بُعِثتُم مُبَشِّرين لا مُنَفِّرين))، قال- صلى الله عليه وسلم- لبعض الفُضلاء من أصحابه: (( إِنَّ مِنكُم لَمُنفِّرين، أَيُّكم أَمَّ النّاسَ فليُخَفِف، فَإِن فيهم المَريض، والضَّعيف، وذا الحاجَة))، على كل حال الأمور تُعالَج بحكمة، ورَوِيّة، ودِراية، وخِبرة، ولا يَصلُح لكل أحد أن يَدخُل في مجالٍ لا يُحسن التَّصرّف فيه.
وكذلك من الضَّوابط؛ أن الإنسان يَتزوّد من العِلم النافِع بمجالسة أهل العلم، والاستِماع لآرائهم، كذلك بِقراءة كُتب السَّلف الصالح، وسِيَر المصلِحين، يُطالع سِيَر المصلحين من سَلف هذه الأمة وعُلمائِها، وكيف كانوا يُعالجون الأمور، وكيف كانوا يَعظون الناس، وكيف كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وكيف كانوا يَحكُمون على الأشياء، نرجع إلى هدي السَّلف الصالح، وهذا مُدوّن في سِيَرِهم، وفي تراجمهم، وفي أخبارهم، وفي قصص الماضين من أهل الخير، وأهل الصَّلاح، وأهل الصِّدق في قصصِهم عِبرة لأولي الألباب ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: ١١١]، فالإنسان هو فرد من هذه الأمة، والأمة مجموع المسلمين من أول الإسلام إلى آخره، هذا هو مجموع الأمة، الإنسان يُراجع سير السلف الصالح، وأخبارهم، وكيف كانوا يُعالجون الأمور، وما هو هديهم في ذلك، حتى يسير على نهجهم، ولا ينظر إلى أقوال المتسرِّعين، وأخبار الجهلة الذين يُحمِّسون الناس على غير بصيرة، كثيرٌ من كتابات اليوم أو المحاضرات أو المقالات تصدر عن جُهلة بأمور الشَّرع، يُحمِّسون الناس، ويأمرون الناس بما لم يأمرهم الله به، ولم يأمرهم به رسوله- صلى الله عليه وسلم-، ولو كان هذا صادِرًا عن حُسن قصد، وحُسن نية، العبرة ليست بالقصد والنية، العبرة بالإصابة، العبرة بالصواب لا بنيات الناس، وأن يُقَال إن فلان رجلٌ قصده حسن أو فلان رجلٌ صالح، وما يقوله صواب، وما يقوله حق، ليس هذا هو الضابط، الحق هو ما وافق الكتاب والسُّنة، أما الناس ما عدا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإنهم يُخطئون ويُصيبون، فيُقْبَل الصَّواب، ويترك الخطأ.