السلطة والدعوة السنية / كوكبة من المشايخ الفضلاء


التصنيفات
الشيخ: 
القسم العلمي: 
  • الشيخ: مجموعة من المشايخ
  • العنوان: السلطة والدعوة السنية / كوكبة من المشايخ الفضلاء
  • المدة: 63:09 دقائق (‏16.03 م.بايت)
  • التنسيق: MP3 Stereo 22kHz 35Kbps (ABR)
التفريغ

كلامٌ مرتجَل من محاضرة " السُّلطة والدعوة السُّنية " لشيخنا أبي العباس يدكُّ باطل مَن خانوا السُّنة

 

قال الشيخ أبو العباس عادل بن منصور حفظه الله : لِمَنْ قد يستكثر على إخواننا المشايخ الفضلاء أن يطرقوا في كل ستة أشهر أو أربعة أشهر أو خمسة أشهر مثل هذا الأمر العظيم ، أقول :

 

إن الباطل قد ملأ السمع والبصر وملأ الصحف والوتسآب وجميع الوسائل ، فكان لا بد على أهل الحق أن يكون لهم من الصدع بالحق في هذه الأبواب وغيرها مما قد حُرِّف من الدين على قدر ما أقدرهم الله سبحانه وتعالى وبلغت إليه طاقتهم ووسِعَهُم جهدهم ، فلا يُستكثر أبدًا مثل هذا .

 

اليوم حُرِّفتِ السنة , اليوم القلوب التي كانت خالصة للسنة قد شابها ما شابها من بدعة الخوارج والجماعات السياسية الحزبية , اليوم أصبح عند بعض المنتسبين للسنة والسلفية من الطموح السياسي ما هو مزيجٌ من الأفكار الإخوانية والخوارج وغيرهم من الجماعات . لا يُستكثر على أهل السنة هذا ، وأنت ترى بعض المنتسبين للسنة والسلفية دعاةً أو طلاب علم أو موجِّهين وهم يتساقطون صرعى بين يدي الهوى والفتنة والكرسي والقيادة .

 

لا بد أولًا من حماية السنة نفسها ، وأن يبقى المنهج السلفي المنهج السلفي السُّني صافيًا نقيًّا كما هو . ولا بد من حماية أبناء السنة الْمُريدِين للخير من أبناء المنهج السلفي ذكورًا وإناثًا في أرجاء المعمورة ، لا بد من حمايتهم وحراستهم ، إنهم يُغتَالون إنهم يُغتالون ؛ إن عقيدتهم ومنهجهم السلفي في هذا الباب العظيم يُحْرَفُونَ عنه ويُصرَفون عنه ، هذا أمر لا بد أن نعقله .

 

اليوم تسمع من بعض المنتسبين للسنة والسلفية ما كنت تسمعه قبل عشرين عامًا إبّان أزمة الخليج الأولى أو الثانية من الطرح الخارجي والقطبي والسروري والإخواني وما إليه , اليوم ما كان يتكلم عنه شيوخ السنة بيانًا ونصحًا اليوم يُخالفُه بعض الذين ينتسبون  لأولئك الشيوخ وللسنة .

 

لا تستكثروا على إخوانكم مثل هذه اللقاءات ، والله إنها لضئيلة ضئيلة يسيرة في عددها ، وأسأل الله أن يجعل فيها النفع الكبير أمام هذا الزخم الهائل من أنواع وصنوف الباطل .

 

وأحب أن أذكر نفسي والحاضرين بثلاث نقولات سبق أن نقلتها :

  1. الأول : قول ابن قُتيبة رحمه الله كما في رسالته " الاختلاف في اللفظ " ، قال : وإنما يقوى الباطل بالسكوت عنه .
  2. وقال ابن تيمية رحمه الله كما في " الدرء " : إن ما وقع في هذه الأمة من البدع والضلال ، كان من أسبابه تقصير من قَصَّرَ في إظهار السنة والهُدى . ونحوه كذلك في " المنهاج " وفي " التدمرية " .
  3. وقول تلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى ، قال : ومعلومٌ أنه إذا ازدوج التكلم بالباطل والسكوت عن بيان الحق تولَّد بينهما جهل الحق وإضلال الخلق .

 

إذا ازدوج التكلم بالباطل والسكوت عن الحق تولد بينهما الجهل بالحق نفسه ، وهذا من مقاصد كلامنا : أن يبقى الحق معروفًا ومناره معلومًا ظاهرًا في هذه الأبواب . قال : تولد بينهما جهل الحق وإضلال الخلق ، فلا يُستكثر علينا .

 

هذه رسالة أولى أُرسلها لمن يستمع ، سواء يعني من الحاضرين أو من المستمعين عبر هذه الإذاعة السلفية النافعة - أسأل الله أن يجعلها مباركة نافعة - إذاعة النهج الواضح .

 

الرسالة الثانية : النصيحة لولي الأمر من مقتضيات بيعته ، النصح له من حقه في بيعته ، والسنة رتبت ذلك ، ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ .

 

أنا اليوم حقيقة لا أتحدث - وهذا لعل إخواني المشايخ يبسُطُون فيه - عن الجماعات التي قد أعلنت منهجها وأعلنت موقفها من هذه النصوص . نحن اليوم ما نذكر أحاديث لا يعرفونها , لا والله يحفظونها وربما كتبوها وتحَفَّظُوها ، ولكن الشأن اليوم في الديانة بالعمل بها وعدم تحريفها ، هاهنا الأمر . فليس غرضي الآن عن الجماعات التي قد عُرِف ضلالها ممن سميت بعضهم فيما تقدم من كلامي ، لكن همي اليوم : السُني ، اليوم أنا أحمِل هَمَّ الشاب السُني المرأة السُنية في أي بقعة ، اليوم نحمل هم الشباب السلفي الذي أصبح يُلطم لطمات عدة ، وأصبح يُسحر بالطموح السياسي ويستخدم ، شَعُر أو لم يشعر .

 

ولهذا صور عدة ؛ منها : التدخلات فيما لولي الأمر من التصرفات ؛ سواء في السياسة  الداخلية أو الخارجية ، أو ما يتعلق بالعزل والتوليات ، هذا من خصائصه ومن تصرفاته .

 

وهل ثار من ثار على عثمان إلا بسبب ذلك ؟! قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى كما في " فتح الباري " ( في المجلد الثالث عشر الصفحة الثالثة عشرة ) - وأنا لم أحفظها بهذا إلا لسهولتها ، ولكوني جعلتها حالتي في هاتفي الجوال حتى يقرأها الناس - قال رحمه الله جل وعلا : ومن أعظم أسباب الفتنة على عثمان الطعن على أمرائه . شوف : يقول : ومن أعظم أسباب مقتل عثمان وقتله الطعن على أمرائه ، ثم عليه بتوليته لهم . هذا أدى إلى مقتل الخليفة الراشد ثالث الخلفاء الراشدين ، الذي تستحي منه الملائكة وفضائله معروفة مشهورة ، بدأ قتلُه من يوم طُعِن على أمرائه وتصرفاتهم .

 

أَسُنيٌّ يُخاطب وزيرًا في بلده - مَا يَنْفَعْ أن تُؤلف في المنهج السلفي وتؤصِّل وتكتب ويُقرِّظ لك من قرَّظ من أهل العلم ، المهم أن تسير في عقيدتك وعملك على مقتضيات هذا المنهج - يُخاطِب وزيرًا في بلده ويقول له : إما أن تعدِّل وتغيِّر الأمور وإلا فقدم استقالتك . على تويتر ؟! أكان يظن أهل السنة أن يأتي من ينتسب للسنة ونُصرتها ، ويتكلم في الإخوان والتبليغ وداعش والقاعدة والنُّصرة ، فَيُعلِّق على قرارات وُلاة أمره ، ولو أن يقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، قبَّح الله من كان وراء هذا القرار . والذي أصدره ولي الأمر ! ويطعن أنواع الطعونات بأساليب ماكرة ؟!

 

إذا ابن تيمية ذكر أن من أساليب الغيبة المُلبَّسة بِحِيَلٍ شيطانية : أن يبدي توعره وتمعُّر وجهه ، وأن يقول : نسأل الله أن يُصلح الحال ، وأن يفعل , قصدًا لغيبة الآخر . فكيف اليوم من هذه الأساليب الماكرة في الإنكار العلني على ولي الأمر ؟! إنكار علني واضح يُمارِسُه من ينتسب إلى السنة وللمنهج السلفي ، هُنا الخطورة .

 

ليس عندي الخطورة الطرح الإخواني ؛ لأنه واضحٌ معلومٌ مكشوف ، لكن الخطورة تأتي من المنتسب للسنة وللمنهج السلفي والناقِد للإخوان والثورات والحملات المسلحة ، أن يصدر منه ذلك ، أمور كثيرة وأنواع : تعليقٌ على تصرفات ولاة الأمر وسياساته , اقتراحٌ عليه علنًا أنه لا يصلح فلان رئيس حكومة ولا يصلح فلان وزيرًا لخارجية ولا يصلح فلان وزيرًا لمالية ، ولا يصلح .. ما شاء الله ! خُذ مِدْكَاك ( كُرسي ) وادكِ جنب ولي الأمر وأَشِر عليه ! ما هذا ؟! أهذا من السنة ؟!

 

ولذلك أصبح أهل البدع يشمَتون ، والصنف الصريح في الباطل يشمَتون ويقولون : أصار السلفيون يُغيِّرون ؟! أأصبح من يُلقبونهم بالجامية والمداخلة يُغيِّرون ويُبدِلون ؟! أصاروا بعد أن كانوا ينكرون الإنكار العلني لهُ يمارسون ويفعلون ؟! بعد أن كانوا ينهون عن المظاهرات والاعتصامات على أولها يتصدَّرون ويتكلمون ويخطبون ؟!

 

نقول : إن المنهج السلفي والسنة ثابتٌ لا يتغير ، ولكن الناس يتغيرون ويتبدلون ويتحولون ويتقهقرون ، فسحقًا سحقًا لمن غيَّر وبدل . أما السنة ثابتة ، اثبتوا على السنة ، ثبتها الله في قلوبنا وقلوبكم في هذا الباب وفي غيره من الأبواب . اليوم الباطل زَخَمُهُ شديد ، غُثاء زُكام ملأ السمع والبصر والكتب , الثقافة الرجال النساء ، لا ينبغي أن يُستكثر على أهل السنة مثل هذه الكلمات القليلة واللقاءات النادرة , أمر شرٍّ صار يتخطف شبابنا .

 

صور الإنكار العلني يا إخوتاه ليس فقط أن تصعد على المنبر وتتكلم على الوزير بعينه ، من الناس من يتقصد لا يتكلم عن المخالفة إلا حين ممارسة ولي الأمر لها ، هذا نوع من أنواع الإنكار العلني .

 

الشيخ أحمد السبيعي : أحسنت .

 

الشيخ عادل منصور : نعم ، معك ثلاثمائة وستون يوم بالهجري - بالميلادي كم يصير أيام ؟ ما أدري - ثلاثمائة وستون يومًا , وعندك في الشهر أربع خُطب جمعة , وعندك دروس وتغريدات ؛ لا تتحدث عن هذا المنكر - أي منكر كان - إلا وقت مزاولة أو وقوعه من  ولي الأمر ! على من تضحك ؟! علِّم الناس الدين , بين للناس تحريم المحرمات , وجوب الواجبات مطلقًا , أما أن تتقصد الحديث عن ذلك المنكر بعينه وقت ممارسة ولي الأمر لَهُ , نعم هذا نوع من أنواع الإنكار العلني المُحَجَّب ، ليس سافرًا ولكنه مُحَجَّبْ ، ولكنه حجاب مكشوف « كاسيات عاريات » .

 

الشيخ أحمد السبيعي : هل هو أخبث من الصريح ؟

 

الشيخ عادل منصور : أخبث من الصريح ، وهو نوع من كسب الأطراف ذات الإنكار الصريح ، وكأننا مُخَوَّلُونَ أن نقول للهائجين المائجين الثائرين : ترى لا تظنونا مع الحكام ، ترى نحن معكم ولكن بطريقتنا الخاصة ! هذا ليس مسلك أهل الإيمان أبدًا ، هذا الإنكار بهذه الطريقة المغلفة المحجبة ، الإنكار العلني المُحجَّب أضر وأفتك من الإنكار العلني الصريح ؛ لأن صاحب السنة مجملًا رجالًا ونساءً ينفرون من صاحب الإنكار الصريح .

 

اليوم يُتدخل ؛ يتصرف ولي الأمر بتصرف فتجده يغرد في تويتر وغيره : اللهم عليك بالإخوان المسلمين هم وراء هذا القرار , اللهم عليك بالطائفة الفُلانية هم من أبناء هذا القرار ، اللهم عليك بأبناء التيار الليبرالي هم كانوا وراء ولي الأمر في هذا القرار . يعني يريد أن يقول : إن الطائفة الفُلانية - سواء كانت تنتسب إلى فئة أو فئة ، أو سَبَّابِي أبي بكر وعمر ، أو غيرهم من الطوائف والفرق الضالة ، أو إخوانجية ، أو غيرهم - فيستنكر قرار ولي الأمر ، لكن يُهوِّنُهُ في صدرك أيها السُّني لما يقول لك : ترى وراء هذا الأمر أهل البدع !

 

يا أبوي ، المأمون ، يا رجل وين صاحيين أنتم ؟! المأمون كساه أهل البدع من رأسه إلى رجله , عَزَلَ قضاة أهل السنة كلهم وعلى السجن والمقصبة ضرب الرقاب , عزل أمراء أهل السنة كلهم يا توافق على خلق القرآن يا المقصبة يا السجن , عزل علماء أهل السنة لا يُحدِّثون لا في المساجد ولا المنابر ويُقفلون حدَّثنا وأخبرنا وروى لنا وحُدِّثنا وأُخبرنا ؛ لأجل أن تكون تعتقد القرآن مخلوق وإلا السجن أو المقصبة والسيف ، مثل النِعاج ، ذَبحْ , المأمون .

 

ماذا صنع أئمة السنة ؟ ماذا قال أحمد بن حنبل ؟ أين الإنكار السافر أو الإنكار المبطن عنده ؟! قال : الدماء الدماء ، هذا خلاف الآثار .

 

مو فقط عزل ؛ عزل وسجن وضرب وقتل ودعوة إلى كفر ! مو أمور منازعات دنيوية أموال زائدة أموال ناقصة , لا ؛ دينٌ ودعوةٌ إلى كفر مبِين ظاهر ، ولكن فيه تأويل وفيه شُبَه قائمة . ماذا كان موقف أئمة السنة ؟ اليوم نحتج على من ينتسب للسلفية بقصة أحمد ، وبالأمس كنا نحتج بها على أصحاب الخروج الصريح والتكفير الواضح !

 

الشيخ أحمد السبيعي : الله أكبر الله أكبر  .

 

الشيخ عادل منصور : هذه الحقيقة , هذه الحقيقة : « لتتبعن سَنن من كان قبلكم » ، وأصبح لَوَثُ أهل البدع وأمراضهم تنتقل إلى السلفيين وإلى بعض السلفيين رجالًا ونساءً ..

 

أرى نفسي قد حميت واحتديت ، وأرى أن أتأخر قليلًا وأسحب نفسي ليتكلم غيري .

 

الشيخ أحمد السبيعي : شيخ أبو العباس - الله يحفظك - لا , لا تسحب نفسك , فيه نقطة . يعني البعض يُرَقِقْ من هذا الأصل ، فقد يقول بمجمله من أنه لا يجوز الإنكار ، ثم يحاول بعد ذلك أن يستثني بعض الصور , فهل أصول السنة قابلة لمثل هذا التَبعُّض ؟

 

الشيخ عادل منصور : لا نعلمُ في السنة , ولا أعلم في السنة - كما أنكم إن شاء الله لا تعلمون - إلا أنها شيء واحد في هذا الباب . ولعلي أُشير إلى ما أراده الشيخ - إن سمح لي الشيخ ، وهذا من الجَرْأَةِ عليك جزاك الله خيرًا ، ولكن جرَّأنا عليك كرمك المعتاد - أن أُشير إلى بعض الصور التجزيئية التي ذكرها الشيخ :

 

الصورة الأولى : تقدمت في كلام الحافظ ابن حجر وتعليقي عليه ، وهو أن بعضهم يقول : يا أخي ، ولي الأمر الذي لا ننكر عليه هو أكبر رأس ؛ الملك الشيخ الحاكم الرئيس القائد الأعلى ، أمَّا مِنْ ولي عهده وما تحته فهؤلاء لا يدخلون في هذه النصوص إطلاقًا .

 

الشيخ أحمد السبيعي : أعوذُ بِالله .

 

الشيخ عادل منصور : لاحظت ؟ فَمِن ولي عهده إن كان ولاية عهد ، أو نائبه إن كان رئاسة كنائب الرئيس اليمني - والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وفقه الله لما فيه رضاه ، ونسأل الله عز وجل أن يرزقه البطانة الصالحة ، وأن يُقويَه وأن ينصره على الحوثيين وعلى الخوارج وعلى أعوانهما من كانوا وأين كانوا ، كما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُجري على يديه الخير لأهل اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه ، وأن يوفقه لما يحبه ويرضاه ، وأن يختار له الأعوان الصالحين المصلحين الناصحين - فأقول بارك الله فيكم : إن مِن الناس مَن عنده أبد إذا كان رئيسًا فنائبهُ لا يدخل في هذه النصوص فضلًا عمن تحته من الوزراء ، وأعظم سبب لقتل عثمان الطعن على أمرائه ثم الطعن عليه هو بتوليته لهم .

 

بعضهم يقول : طيب ، بعض الأجهزة وبعض الدول قد جعلت لك لجان لمحاكمة الوزراء . قلت : سبحان الله ! وكم من شيء تمتنع أنت منه تقول : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . لو أمرك ولي الأمر أن تنكر عليه علنًا - ليس جوَّز ، لم يقل لك : جائز ، يضربك لتنكر عليه علنًا - هل يجوز لك أن تطيعه في هذا ؟ لا . لكن لماذا هنا قالوا : ولي الأمر هو اللي سمح ؟ لأنه وافق الهوى .

 

طيب ، ولي الأمر سمح بحفلات غنائية أو سمح بأي شيء مما يجري مباريات دولية ومحلية مما تستنكرونه ، سمح بأن يُعين هذا بدل هذا ، سمح بأن يُعطى هذا مليار ليُصلِح أوضاعه وهذا يعطى خمسين ألف ، تصرف , لماذا ما قبلتم من تصرفه إلا ما أذن لكم في الإنكار عليه علنًا ؟ هذا للهوى والطموح السياسي والرغبة في المنازعة ، ليس ديانة إي والله .

 

فإذًا نقول : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . ثم إذا هناك هيئة أو لجنة خُصصت للشكاوى على الوزراء اذهب إليها ، اذهب إليها هي وأعطها ، أما أن تنقد علنًا وتذكر العيوب علنًا وتعيب ذلك علنًا ، هذه صورة من صور التجزئة ، وهي من أخطر الصور ؛ أن يُطعن في كل مَن تحت رئيس البلاد أو الملك أو الشيخ ، بداية من ولي عهده أو نائبه أو غيره وبوزرائه وأمرائه وحكوماته ، وأن ذلك ليس فيه غضاضة , وهذا شر عظيم .

 

الصورة الثانية من صور التجزئة : أن يُقال : إن هذه النصوص تنطبق عليك بالنسبة لحاكم بلدك أنت ؛ الكويتي في الكويت ، اليمني في اليمن ، السعودي في السعودية ، الإماراتي في الإمارات ، القطري في قطر ، المصري في مصر - وحَيَّا الله الشيخ خالد من مصر ، وحَيَّا الله أهل السنة من أهل مصر مَن كانوا وحيث كانوا – ..

 

الشيخ خالد عبد الرحمن : الله يحييك .

 

الشيخ عادل منصور : لاحظتْ ؟ فيفعل هكذا , ثم يقول : أمّا أن تتكلم على حكام الدول الأخرى فجائز ذلك لك ، ليسوا ولاة أمرك . وهذا فاسد ، وهناك فتاوى من علمائنا في رد هذا ولله الحمد والمنة . وقد رُدَّ بوجوه :

 

منها : عموم النصوص الشرعية في أنه « من كان عنده نصيحة لذي سلطان » ، وهذا ذو سلطان .

 

ومنها : أن الشريعة لا يمكن أن تجمع بين متناقضات أو تفرق بين متماثلات . لماذا أنت نُهِيت عن الكلام عن سلطان بلدك ؟ أليس ديانة لله عز وجل , ولما يورده من الفتن والشقاق والبغضاء ؟ كيف ترضى هذا لإخوانك المسلمين ؛ أن توغر صدورهم على ولاة أمرهم ؟! وإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » , و « المسلمون ذمتهم واحدة » . كيف ترضى أن تستقر بلدك وتسعى بالفتن في بلاد الآخرين ؟! هل هذا تدعوا إليه السنة ؟!

 

ثم أليس في هذا تطريق لأهل الأهواء والبدع والضلال أن يتشاطروا الأدوار وأن  يتقاسموا الأدوار ؛ فمن كان فرعًا لهذا التنظيم في هذا البلد يمدح ولي أمر بلده ويسب ولاة أمر الدول الأخرى ، ومن كان في الدولة الأخرى يمدح ولي أمر بلده ويسب الذين في الدولة الأخرى ، فيتحصل لهم من المفاسد التي يُريدونها ما لا يتحصل لهم لو أعلنوا على الجميع الإنكار .

 

انتبهوا ، لو أعلنوا على جميع الولاة الإنكار ، مفسدتهم يوم يتسترون بولي أمر بلدهم لا ينكرون عليه وولاة أمر البلدان الأخرى ينكرون عليهم ، هذا أشد نكاية ، هذا أشد نكاية لماذا ؟ لأنهم في البلد الذي لا يتظاهرون أو لا يُظهرون - وإلا هم يعتقدون - لا يُظهرون الإنكار العلني يتمكَّنون ويُمكَّنون ، ويأخذون بقلوب الناس وجيوبهم , بقلوبهم وأيش ؟ وجيوبهم ؛ وهذا قِوَام دعوتهم : التأييد والعاطفة والمال , دعواتهم قائمة على هذا .

 

فإذًا هذا نوع من أنواع التجزئة الباطلة ، أن يُقال : والله حكام بلدك فقط , أما حكام الدول الأخرى تكلم فيهم من أكبر رأس إلى آخر رأس . وهذا باطل , وهناك فتاوى قد نُشرت لعدد من المشايخ ، ولشيخنا الشيخ خالد أيضًا فتوى في هذا ، وللمشايخ الآخرين ، ولشيخنا الفوزان له في هذا أيضًا فتوى ، وللمشايخ لهم في هذا كلام كثير . فأسأل الله أن يحفظنا وإياكم من هذه الشرور والفتن .

 

أيضًا التنبيه الثالث : ذكرتَ يا شيخ محمد - حفظك الله - أنه لا يوجد منهم من يقول : أنا من أتباع ذي الخويصرة . صحيح بهذا الطرح , لكن قد وُجِد من بعضهم عندنا وعندكم .

 

الشيخ أحمد السبيعي : إي نعم .

 

الشيخ عادل منصور : ولا أريد الآن أن أُعيِّن , وُجِد عندهم أنهم يقولون : انظروا إلى حرية الرأي ، وأن ذا الخويصرة قال رأيه ومع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُطارده ولم يسجنه ولم يحوله إلى ملف أمن الدولة ولم يفعل الأساليب هذه ، فهم من باب تحسين فعله . صح ما يقولون : نحن من أتباعه ، ولكن يحسِّنون فعله وأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه حُرية الرأي !

 

عجبًا والله , أما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « يخرج من تحت ضئضئ هذا أقوام تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم ... » إلخ ؟ أما استأذن عُمَرُ وفي رِوَاية أُخرى خالد أن يَضْرِبَ عُنقَهُ , فقال : « لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه » ؟ فما أدري أي حُرية أعطاه ؟! بعد هذا الذم والوعيد أي حرية ؟ هذه حرية الذَّم .

 

إلى هنا ، أنا أقتصر على هذا ، وجزاكم الله خيرًا .