كلمة بعنوان : لن نسمح لك / للشيخ محمد العنجري


التصنيفات
القسم العلمي: 
  • الشيخ: الشيخ محمد العنجري
  • العنوان: كلمة بعنوان : لن نسمح لك / للشيخ محمد العنجري
  • المدة: 12:21 دقائق (‏2.66 م.بايت)
  • التنسيق: MP3 Stereo 22kHz 30Kbps (ABR)
التفريغ

 " لن نسمح لك "

 

 

قول القائل لولي الأمر عند الجموع وفي الشوارع وفي الساحات " لن نسمح لك " ، دعوة خارجية ونهج خارجي لا يحتمل التأويل ، فالمظاهرات والاعتصامات التي كانت في الكويت بالماضي القريب والتي نتج عنها تكسير الأبواب والدخول لمباني الدولة عنوة ، والتعدي على العسكر ، وتحريض رجال الأمن على ولي الأمر ، فعل حذّرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم ، والمسلم صاحب صراط مستقيم شرعه الله تعالى لعباده نهجاً واضحاً في هذه الحياة ، فلذلك نسأل الله تعالى في كل ركعة  (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) ، و الإنسان العاقل يعلم أنه مخلــــــوق ضعيف  ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) ، لم يكن له خيار في يوم ولادته ولا جنسه ولا في شكله ، ولم يكن له اختيار لعقله وذكائه أو نسبهِ ، فهذا كله وغيره قدرٌ قدرهُ الله تعالى لحكمة والله تعالى لا يَخلُقُ شيئاً عبثا ، ولا يُشَرِّعُ شيئاً سدى ، وهو الذي له الحُكم في الأولى والآخرة (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) وكل ذلك بحكمة وعدل منه تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) فهذا هو اعتقاد المسلم ، وقد أكرمنا الله تعالى بفضله إلى تحقيق التوحيد له تعالى وحده لا شريك له ، وشرع لنا أن نتقرب له تعالى بالدعوة إلى عبودية الله تعالى باتباع الوحيين القرآن والسنة على فهم الصحابة الكرام ، ولهذه الغاية خلق الإنسان في هذا الكون ، فالغاية العظمى والهدف الأسمى من خلق الإنسان أن يعبد الله وحده ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وأمرنا الله تعالى بالعدل والإحسان و السعي والإنتاج فاليد العليا خير من اليد السفلى والعبد المؤمن القوي أحب إلى الله ، فجاء الشرع كاملاً محكماً ميسراً فإن خضع العبد المملوك لخالقه تعالى بطاعة الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه مع محبة الله وخوفه ورجائه كان من الناجين يوم القيامة ، أما الذين خرجوا عن أمر الله وأولوا وحرفوا وسلكوا مسلك الخوارج الذين لم يخضعوا لأمر الله كما أمر تعالى فهم أهل الأهواء و مرضى القلوب المملوءة بالحسد والغل بسبب عدم رضاهم بما قدر الله وشَرَع. ولتوضيح ما تقدم أذكر حادثة تكشف نهج الخوارج حتى مع أعدل الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ ، فَقَالَ : ( وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ) ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ : ( دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ " وقد أمرنا الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن بالحدود الشرعية لا بالأفكار والمناهج الخارجية الجالبة للفتن والدماء والاضْطِرَاب و الذُّعْر و الرَّوْع ، و الإِعْتِداءات والشُرُور , والقتال بين المسلمين و الهَيَجَان (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فالشريعة جاءت بالخير ، جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد ، فانظر إلى نتاج وثمرة الأفكار الخارجية كما في ليبيا و وسوريا وغيرها من الدول الإسلامية فقد فُقِد الأمن والأمان بسبب من زعموا أنهم يريدون الإحسان والإصلاح  ، والفرق واضح بين الحق والباطل ، فالحق أن المسلم العابد لله يلتزم بأمــــر الله تعالى بقوله (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا(62) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  ))

فبهذه الآيات بين لنا الله تعالى بكلامه المحكم أن من يريد الإصلاح عليه أن يأتمر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ومن أوامر النبي صلى الله عليه وسلم قوله : « من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، ولكن يأخذ بيده فيخلوا به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه » فمن التزم بهذا الأمر النبوي فقد نجا وخضع لأمر الله وسلم تسليما وأدى الذي عليه كما هو هدي الصالحين بقوله تعالى عنهم : (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) وأذكر لكم هدي الصالحين من فعل الصحابي الجليل جرير رضي الله عنه عندما امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث مسلم "عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه  قال : جاء ناس من الأعراب  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إن ناسا من المصدقين ( من موظفي الدولة ) يأتوننا فيظلموننا ، قال جرير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرضوا مصدقيكم ، فقال جرير رضي الله عنه  ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عني راض" فالإصلاح لا يكون بالفتن والصياح وبفقدان نعمة الأمن والأمان فتنبه أيها العاقل.