المخرج من الفتن هو العلم الشرعي والعمل به - الشيخ صالح الفوزان


التصنيفات
القسم العلمي: 
  • الشيخ: الشيخ صالح الفوزان
  • العنوان: المخرج من الفتن هو العلم الشرعي والعمل به
  • المدة: 6:39 دقائق (‏3.07 م.بايت)
  • التنسيق: MP3 Stereo 44kHz 64Kbps (CBR)
التفريغ

السؤال: معالي الشيخ أمة المسلمين تمر بمحن اليهود شرذمةٌ قليلون وإنهم لنا لغائظون، وأهل البدع والشر من الكهنة والعرَّافين وأهل التنجيم ومن رافعي ألوية البدع والخرافات، يكاد المسلم الغيور أن ييأس وأن يقنط، وبخاصةٍ إذا قيل له: أنَّ الشر قد كثر وألزم بيتك وأمسك لسانك فالعلم الشرعي قد يقصر عن علاج هذه البشرية التي كثر شرُّها وشاع أمرها فهل هناك من كلمة تُبين أنَّ العلم الشرعي مخرجٌ من الفتن بجميعها سواءٌ كانت فتنٌ عقديه أو في العبادات أو في غيرها؟

 

جواب الشيخ الفوزان:

لا شكَّ أنَّ العلم الشرعي الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخرج من الفتن، فإذا جاءت الفتن والفتن لابد أن تأتي سُنَّةُ الله جلَّ وعلا في خلقه ليبتليهم ويمتحنهم فلا مخرج من الفتن، لا مخرج من الفتن إلا بالعلم الشرعي قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي )) ولن نتمسك بكتاب الله وسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقيقةً إلا إذا سعينا لتعلُّمها والتَّفقه فيها وتلقيها عن أهلها، أما وجود الكتاب والسُّنَّة في الرفوف ووجود الكتاب والسنة في المكتبات الضخمة هذا لا يكفي، هذا مثل السلاح الذي لا يُستعمل ولا يُحمل، هذا لا يُفيد شيئاً، هلك بنو إسرائيل وعندهم التَّوراة وعندهم العلم لما لم يعملوا به ولم يحملوه حقَّ حمله هلكوا وفيهم العلماء وفيهم الأحبار ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: ٦٣].

فلا مخرج من هذه الفتن إلا بتعلم العلم النَّافع الذي به تعرف الحقَّ من الباطل تعرف الهدى من الضلال وتعرف الصحيح من السقيم، نورٌ من الله عزَّ وجل ﴿قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴿١٥﴾يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: ١٥]

 جاءنا هذا على يد نبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنَّواجذ وإياكم ومُحدثات الأمور فإنَّ كل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار )) لا شك أنه يحدث الشرك، فلا شك أنه يحدث الشرك والكفر والإلحاد في العقيدة لا شك انه تحدث البدع والمحدثات والضلالات، لاشك انه يظهر دُعاة الضلال ودُعاة السوء كل هذا يحدث ولكن المخرج من هذا بكتاب الله وسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعلمهما والعمل بهما والرجوع إليهما ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[النساء: ٥٩].

أما أنَّ الإنسان ينعزل إذا جاءت الفتن ويبقى في بيته هذا فيه تفصيل، الإنسان الذي لا يستطيع مقاومة الفتن ولا يستطيع أن يتعلم العلم النَّافع ولا يستطيع أن يرد الشبهات ويُقارع أهل الضلال هذا يبقى في بيته يسلم، أما الإنسان الذي يستطيع أن يتعلم ويستطيع أن يتكلم بالحق ويدل على الصراط المستقيم ويرد على أهل الضلال ويُلجم أهل الشر والمنافقين فهذا يجب عليه أن يخرج من بيته وأن يُجاهد في سبيل الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: ٧٣].

الكفَّار يُجاهدون بالسلاح والمنافقون يُجاهدون بالحُجَّة وباللسان وبالكتاب والسُّنة وتُردُّ شُبهاتهم وتُفضحُ أباطيلهم ولو أنَّ العلماء سكتوا وجلسوا في بيوتهم لتمادى أهل الضلال في ضلالهم وأهل الطغيان في طُغيانهم ولسنحت الفرصة لشياطين الإنس والجنَّ أن يُضلوا النَّاس عن الصراط المستقيم فلابد من مقارعتهم ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ﴾أي بالقرآن ﴿ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾[الفرقان: ٥٢].