ومن الفتن التي يجب الحذر منها ما ابتُليَّ به بعض الناس من نشر معايب العلماء أو معايب الأمراء، فإن بعض الناس –نسأل الله لنا ولكم العافية- اُبتلي بهذا حتى صار لا يكاد يجلس مجلسًا إلا تكلم بفلان وفلان، وليته يتكلم برجل عامي، إن كان هناك ضرر فالضرر عليه نفسه، على العامي، لكن يتكلم بالعلماء أو يتكلم بالأمراء، وأنتم تعلمون أن حامل الأمة هم العلماء والأمراء هم قادة الأمة، فإذا اغتاب أحدٌ من أهل العلم صار في هذا ضرر ليس على الرجل الذي اغتاب فحسب، بل هو ضرر على هذا العالم الذي اغتابه، وعلى ما يحمله من شريعة الله؛ وحينئذٍ يقل قدرُ العالم في نفوس الناس، ويقل قدر الشريعة التي يحملها هذا العالم؛ فتضيع الشريعة، وإذا لم يثق الناس بعلمائهم اتخذوا ضُلالًا يقودنهم في الضلال، كذلك الأمراء إذا غاب الأمير سواء كانت أميرًا عامًا أو خاصًا؛ فالضرر ليس على الأمير نفسه، بل على الأمير وعلى الأمن أيضًا؛ لأن الناس إذا ضَعُف قدر الأمراء في نفوسهم؛ لم يُبالوا بهم وانتهكوا أوامرهم وصاروا لا يعبئون بهم إطلاقًا، وبهذا يتبيّن أن من الفتن الكبيرة اغتياب العلماء، واغتياب الأمراء، وأنا لستُ أقول أو لستُ أريدُ بقولي هذا إن العلماء لا يخطؤون، وأن الأمراء لا يخطؤون، الخطأ واقع من كل أحد، قال النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)) ولكن إذا سمعت عن عالم خطًأ فما موقفك، هل تسكت وتقول هو أعلم مني، أو تحاول إصلاح الخطأ؟ قولوا الأول أو الثاني؟
الطلبة: الثاني.
الشيخ: الثاني، إصلاح الخطأ، فإذا تيقنت عن عالم ما .... منه خطأ، فأذهب إلى هذا العالم، وقل يا فلان بلغني عنك كذا وكذا، وإياك أن تخاطب هذا العالم مخاطبة المنتقد الموبِّخ؛ لأن الشيطان قد يُغريه فتأخذه العزة بالإثم، ولا يقبل منك قولًا، خاطبه بالإجلال والاحترام، قل يا فلان، يا شيخ –جزاك الله خيرًا- سمعت كذا وكذا، فهل هذا صحيح؟
إذا قال نعم هذا صحيح، هذا وقع مني، فناقشه بأدب واحترام؛ لأنه أكبر منك قدرًا، أما أن تأتي وتناقشه وكأنك نديد له، وكأنك تريد أن توبخه، هذا خطأ، فالإنسان بشر، ربما لا يتحمل هذا العالم هذه الحالة التي واجهته بها.
كذلك أيضًا إذا سمعت عن أمير شيئًا خطًأ، فالواجب عليك أن تتصل بهذا الأمير، وتقول أيها الأمير بلغني عنك كذا وكذا، وبأدب واحترام ثم تناقشه، وإذا كنت لا يمكنك الوصول إلى هذا الأمير فبإمكانك أن تكتب، تكتب وإن شئت لا تكتب أسمك قل ناصح مثلًا، وإذا كان لا يمكنك فبإمكانك أن تتصل بشخص يمكنه أن يتصل بهذا الأمير وتُبين له، ونحن إذا سلكنا هذا المسلك بالتناصح فيما بيننا فسيكون في ذلك خيرٌ كثير، وتزولُ به شرورٌ كثيرة، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُعيننا وإياكم من فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال.