السؤال :
أحسن الله إليكم يقول السائل : هل القتال الموجود الآن في العراق و فلسطين يعتبر من الجهاد الشرعي أم لا ، و هل يجوز لنا الذهاب للجهاد مع أهل البلدين ؟
الجواب للشيخ عبيد الجابري :
قواعد الشرع عامة و أصوله على الدوام و العموم و قد قدمت في ثنايا كتاب الإيمان الذي شرحناه في هذه الدورة في ما قدمت شيئين :
أحدهما: قوله - صلى الله عليه و سلم - لحذيفة حين أوصاه في الحديث الطويل " تلزم جماعة المسلمين و إمامهم " و ذلكم حين قال - صلى الله عليه و سلم - و هو يذكر أهل الفتن و دعاة السوء لما قال حذيفة " فصفهم لنا يا رسول الله " قال " هم من بني جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا " قال "فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ "
الشيء الثاني : و هو من وصايا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - لحذيفة - رضي الله عنه - " تعتزل تلك الفرق كلها و لو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " ، و قدمت فيما قدمت و نحن نذكر ما ذكره أئمة السنة من أقسام الجهاد أن جهاد الطلب يشترط فيه القدرة و ذكرت لكم هناك ما أمر الله به عبده و رسوله و هو روح منه أعني المسيح بن مريم - صلى الله عليه و سلم - حين يخرج يأجوج و مأجوج في آخر الزمان ، قال " إني قد أخرجت " هذا كلام الرب - جل و على - يوحي إليه " إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لكم بهم - أو لا يدان لكم بقتالهم - فتحرز بعبادي إلى الطور " ففعل عيسى - صلى الله عليه و سلم - ما أمره ربه به .
و أزيد هنا فأقول : المتوسطون من طلاب العلم من المسلمين و المسلمات يعلمون عمرة الحديبية و ما كان فيها من الصلح الذي قبله النبي - صلى الله عليه و سلم - و ترك العمرة و رجع من قابل ، ألم يكن بوسع رسول الله - صلى الله عليه و سلم - دون صلح ثم ينقض على المشركين بقوة بعدد و عدة من المسلمين لا قدرة لهم بقتالهم ، كان بوسعهم ذلك و بهذا تعلمون :
أولاً : أنه حينما تظهر جماعات و كل جماعة لها راية تدعو إلى الإنضواء تحتها و الإنحياز إليها فإن الإنحياز إلى واحدة منها هو مما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه و سلم - .
ثانياً : إذا كان في القطر جماعة و إمام فالواجب الإنحياز إليه إلى جماعته .
و ثالثاً : إذا كان إمام القطر ضعيفاً لا قوة له أو لا يوجد الإمام الذي ينضوي الناس تحت رايته سوا الرايات العمية فإن سبيل النجاة للمسلم أن يدع هذه الفرق كلها و ينجو بنفسه إلى حيث يأمن .
و نصيحتنا لأبنائنا في فلسطين و العراق أن ينضووا تحت راية سلطانهم الذي ولاه الله أمرهم على ما فيه فإن ذلك يقوي الشوكة و يصد العدوان و يخيب سعي من أراد أن يفرق الكلمة و يبذر الفتنة ، أما أن يكون الناس نهباً موزعين بين جماعات مختلفة كل واحدة تدعي أن الحق معها و أنها هي التي لها قيادة الحق و ما عداها هو الباطل هذه هي الفوضى و الغوغائية و الهمجية ، فلن تجتمع الكلمة إلا على إمام يجمع شتات المسلمين و يجيش جيشاً و يعد عدداً و عدة تكسر شوكة المعتدين ، أو أنه يسلك معهم جانب المهادنة و المصالحة كما صنع النبي - صلى الله عليه و سلم - سنة 6 في صلح الحديبية مع قريش ، نعم .