السؤال
أنا يا سماحة الشيخ كُنت مِمَن خُدِعوا بموالاةِ جميع من يفعلُ ويقوم بالتفجيرات، وكنتُ مِمن يكّفرون فضيلتكم، ولكن والحمد لله أنَّني أتبرّأُ إلى الله مِن كلِّ ذلك، وأتمنى أنّكم تُحلّلونني، وهل يا سماحة الشيخ: الخوارج يقولون بأنّهم خوارج ؟ وهل من يقومُ بالتفجيرِ والتدمير هو مِن الخوارج ؟ ابنُكم أبو محمد.
الجواب:
الخوارج الذي نشأت الفكرةُ والعمل عندهم عليه، تكفير المسلمين عمومًا في ذلك الوقت، إلاّ مِن كان معهُم، ولذلك كفّروا عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-، والصحابة الذين كانوا معه، ولمّا سُئِلَ عليّ-رضي الله عنه-: هل هم كفّار ؟
قال: مِن الكُفرِ فَرّوا !، لم يُكفِّرهُم لكنّه بين أنّهم بَغَوا وظلموا، أمّا أن يكون عمل الإنسانِ من أعمال الخوارج؛ فلا يلزم مِن ذلك أنّ يكون هو على عقيدتِهم، كثيرًا ما تكون الأعمالُ مُشبِهةً لأعمال الآخرين؛ ولا يكونُ فاعِلُها مثلهم في عقيدتهِ، وإن صار مثلهُم في عملهِ.
لا شكّ أنّ التفجيرات التي حصلت في هذه البلاد قديمًا وحديثًا؛ أنّها ضلالٌ مُبين، والتفجيراتُ في بلادِنا وُجِدت مِن عام ستةِ وثمانين هجريّة، لها أربعون سنة !
وظلمُ هذه البلاد حصل مُبكّرًا، فلا أحد مِن أهل العلم الصّادقين في عِلمهم؛ يُمكن أن يقول عن هذه التفجيرات: أنّها تقرّبٌ إلى الله !، أو أنّها جِهادٌ في سبيله !، أو أنّها على أقّل الأمور مُباحة لا إثم ولا حرج، بل هي ضلال وفساد، والله ذمّ في القرآن الكريم الذين يُفسِدون الحرث والنّسل.
-نسأل الله-جلّ وعلا- أن يُصلِح جميع مَن كان في قلبهِ شيء مِن هذه الأمور، وأن يهديهُم سواء السبيل، وأن ينشر الفلاح والصلاح في هذا المجتمع، وفي سائرِ مجتمعاتِ الإسلام، وأن يرُدّ كل شاردٍ عن الحقّ، وصادٍ عن الخير إلى سبيلٍ مستقيم.
-وأمّا بالنسبة إلى الهياج والتكفير: فلا شكّ أنّه لا يحلُّ لإنسانٍ أن يُكفّر إنسانًا، وقد قال النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: مِن قال لآخر يا كافر، وليس كذلك"؛ يكون هو في تلك المنزِلة، (( وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ ، أَوْ قَالَ : عَدُوَّ اللَّهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ)) (أي رجع هذا القول على قائلهِ).
-أمّا بالنسبةِ لي فإنّني أُبيح وأحلُّ كُلّ مِن تكلّم فيّ، أرجو بذلك الثواب مِن الله، فالله عندهُ أكثر مما عند الخلق، وأحبُّ أن أوفّر لكلّ مُحسِنٍ حسنات، كما أسأل الله أن يهديَ كلّ واحد مِن إخوانِنا المسلمين في هذه البلاد؛ وفي كلّ بلادِ الإسلاميّة سواء السبيل، وعسى الله-جلّ وعلا-أن يجعل ما حصل في هذه البلاد؛ مِن أعمالٍ تخريبيّة وتفجيراتٍ وقتل؛ آخرَ هذه الفتن في هذه المملكة، وأن يكون ما بعد هذا، وبعد هذه الحوادث: أيامًا مُباركة، وأخوّةً مُتبادلة، وتعاون على البرِّ والتقوى، وتوبةٌ نصوح مِن الجميع، والله القادِرُ على كلِّ شيء.