علم أهل السنة


التصنيفات
الشيخ: 
القسم: 
القسم العلمي: 

علم أهل السنـَّـة

1-  الإنسان مبرمج على أن المعلومات التي يتلقاها تُترجم إلى سلوك وعمل في اتجاه وأهداف.

2- إذا وُجد ما يحول بين العلم والعمل- غير النسيان والغفلة - فلا بد من أن يكون سببه أقوى من العلم ومقتضاه؛ من ضعف الإيمان أو الكسل أو الهوى أو العادات أو قومه وجماعته، وغير ذلك مما يحول بين الإنسان وبين العمل بمقتضى العلم.

3- العلم الشرعي في أصله إيمان ولذلك يُعبَّر في الأدلة الشرعية عن العلم بالإيمان {آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} لأن الإيمان يتضمن العلم؛ فإذا طلب العلم الشرعي بحق كان قرين الإيمان في الطلب «اللهم ارزقني العلم النافع والقلب الخاشع والعمل الصالح».

4- فالارتباط بين العلم والعمل أصيل في الشريعة والوحي ولذلك كان الصحابة يعبرون عن العلم بخشية الله كما قال ابن مسعود: «إنما العلمُ الخشية»؛ لأنه من ثمار العلم الصادقة.

5- فإذا حصل الانفصال أو الفتور أو الفجوة بين العلم والعمل كان ذلك من أشر الشرور على الإنسان لأنّ العلم حينئذٍ يصير جزءاً من الزينة الظاهرة كاللباس أو كالآلة للاتصال بالناس كالصنعة، وهذا من أخطر ما يكون على الإنسان- عياذاً بالله -فيكون بهرجاً شخصياً ظاهراً يميزه عن الناس من غير أن ينتفع الانتفاع الواجب بحقيقته.

6- والإخلال بالإخلاص والصدق قد يكون الباب الأكبر للإخلال بواجب العلم من الإيمان والتقوى والعمل.

7- وقد قال بعض السلف رحمهم الله : «من فسد من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبهٌ من النصارى»، وذلك أن داء اليهود ومرضهم يدّب إلى الغاوي الذي مبنى تدينه العلم، وداء النصارى يدّب على مَن مبنى تدينه العبادة ممن يتبع هواه من الفريقين: العلماء والعباد.

8- وقد ينعكس الأمر- وهذا أخطر- وذلك حين يكون ترتيب تلقي العلم والتدرج فيه ورسوم صناعته وآليات مساره وتكلف وجفاف اصطلاحاته وطقوس حوزته ومراتب طلبته على نظام وتدرج يقوِّي صفة أهل البدع الكهنوتية في طريقة تلقيهم- لما يسمونه علماً - وما يناله الطالب من صولة وجولة في تهيئته للوصول إلى مرتبة السيادة والولاية كما عليه أهل البدع.

9- فهنا قد يبتدئ الطالب حسن الديانة والنية فينتهي بسبب ما تقدم إلى فساد نيته وشخصيته وطريقته مما قد يجعل العلم نقمة عليه لا نعمة ووسيلة للهلاك لا النجاة.

10- وأهل السنَّة -أتباع الصحابة- بعيدون كل البعد عن هذه الأمراض ما داموا يحافظون على هدي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأصول السنَّة في: تلقي العلم، وطريقة الإيمان، وطريقة السلوك، وطريقة التعامل مع الوحي والأثر، وطريقة التعامل مع أهل العلم وأقوالهم كواسطة معينة على تحقيق المقصود لا واسطة رهبان وأحبار كما عند أهل البدع.

11- أمّا إذا غوى طالب السنَّة عن الأخذ المباشر من الوحي ،والتدرج في العلم والإيمان والعمل وعن طريقة الصحابة الأولى قبل المحدَثات وصارت أصول السنَّة بالنسبة إليه شعاراً لفظياً ظاهراً يحارب من خلاله الطوائف المبتدعة فقط من غير أن يكون سبيل ديانة صادق ،فإنه لن يمتنع أن يدّب إليه أمراض وأدواء الأمم وأهل البدع عياذاً بالله.

12- إن العلم نعمة عظيمة لمن تعبّد الله به في طلبه وخدمته ويعمل بما استطاع صادقاً فيه، وإنه لنقمة وشرٌ وبلاءٌ وفتنة لمن اتخذه آلةً لتكميل نقص أو طلاء شخصية أو لنيل منزلة اجتماعية أو العلو به في الأرض على إخوانه المسلمين وبسط سلطة كاذبة وهمية عليهم من خلاله، ولن يشفع له عند الله شعار السنَّة وهو قد بلى نفسه بأمراض أهل البدع.

 

 

بقلم الشيخ الفاضل / أحمد السبيعي

الثلاثاء 12 ذو الحجة 1440 هـ

الموافق 13 / 8 / 2019