غرس البذرة وجني الثمرة !
غرس البذرة وجني الثمرة !
يضع الزارع بذرته بعد حَرْثِه وعنائه لينتج ثمرا يانعا يأخذ مساره ليصل الى الرفوف فيجني التجار منذ خروج الثمرة من المزرعة الى بيعها أضعاف أضعاف ما يجنيه المزارع البارع !.
هذه سنة الحياة ؛وليس من حق المزارع ان ينقد ما بعده لأن لهم عمل لا يُحَسِّنه هو وان كانت الثمرة بنته ؛الا انهم يجنون من ورائها مالا يُحَسِّنه هو .
كصاحب النفط الذي يشترى منه فيحتاج الى آلات إخراجه وتكريره والتوليد منه ليرجع اليه منتجات بابهظ الأثمان !.
فهذه سنة الله في خلقه (أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون )(الزخرف ٣٢).
إلى هنا والأمر متسق تماما مع قوانين الحياة ومصالحها ؛لكن حين تكون جناية الثمار من انواع أخرى ؛فيقتضي نوعا من التدبر والتصبر .
فالدعوات الدينية التي توجِد تدينا قابلا للاستثمار من قبل قيادات سياسية إسلامية في قدرتها جني ثمرة التدين .
وهذا أمر طبعي لا يستغرب ؛فالثورة البلشفية أوائل هذا القرن ،احدثت حراكا في العالم نحو التحرر(الثورة) كل بلغته ومذهبه فامتد جانب تنويري ليبرالي من الصينيين المتأثرين بالغرب لا بالبلشفية فوصل التأثير الى الصين التي أسقطت امبراطورية تاريخية ؛ليجني ثمار هذا الحراك كله الحزب الشيوعي عام ١٩٢٤م لأنه هو المهيأ تنظيميا وعمليا على جمع هذا الحراك في صالحه .
خذ مثالا قريبا الثورات القريبة منك اليوم كيف سارع كل فصيل وكل قوة سياسية لتشكيل كيان يلعب دورا يتمكن من خلاله الصعود الى مؤتمرات المعارضة والتهيؤ لجني ثمار هذه الثورات ، محاولا مغازلة الأمريكان أو الأمم المتحدة أو غيرهما باثبات وجوده على الارض ودوره الحيوي كأي نائب في الكويت اليوم مثلا يبتسم في وجوه الصغار ويزور دواوين الكبار ويكثر من التواجد الإعلامي في سوق نخاسة السياسة القذر !.
وفي النهاية سيجني ثمار عصارة دماء هذه الشعوب حفنة سياسية انتهازية او وطنية او إسلامية ممن يحسن جمع شتات الدماء والعرق ومشاعر الغضب في بوتقة واحدة يحسن ان يرقى عليها بحذائه الى سدة الحكم !
ليس عند دعوة السنة -الحقة- طموح في السلطة ،ولا تنظيمات تجمع شتات الأصوات ،ولا عمل سياسي مصلحي انتفاعي ترؤسي (بل ولا عمل سياسي بالمعنى الانتخابي ،ولا بالمعنى التهييجي النقدي ،ولا بالمعنى التحريضي الانتفاعي).
لكن حين ابرز الجانب السني الواضح من الحكام بالصبر والطاعة ومن الجماعات بالبدعة ؛
فلما أبرز الدين الحق المغيب لنصف قرن من قبل الجماعات ،وأظهرت هذه المعاني الفرقانية الواضحة الفارقة عن دعوة الجماعات الاسلامية ؛ثارت الجماعات وبطاناتها وحرصوا على بذل الجهود لابقاء الصورة الكهنوتية الوهمية لعلماء السنة وأنهم حفنة من المشايخ الذين يقومون بدورهم الثقافي في الفتوى والتعليم في حدود الفقه والعقيدة !.
أما المطالَب العامة التي تتعلق بالدول والحكام والموقف من الأحداث فهذه ليست صفة ولاعمل العلماء ،ولا ترجع هذه الامور الى توجيههم الشرعي في أحكامها وطريقة التعامل معها !
طبعا هذا في حق علماء السنة لا علماء الجماعات !
والآن حصحص الحق ؛فأفتى الإمام ابن باز رحمه الله تعالى بأن الاخوان والتبليغ من الثنتين والسبعين فرقة الهالكة قبل سنتين من وفاته رحمه الله تعالى بعد ان اتضح له في النهاية حقيقة هذه الجماعات التي خادعته لسنين بالكتمان والمراوغة !
وظهرت وأظهرت في الحقيقة الكثير من المواد السنية للعلماء ومن السنة فوضحت بجلاء -لغير أهل الأهواء -:
أن دعوة السنة شيئ
ودعوة الجماعات شيئ آخر
وصار الامتزاج في الصورة تاريخا للذكرى !
إذاً ؛فليضف اَهلُ السنة إلى جهادهم وجهودهم منع الجماعات من ان تجني ثمرة التدين في نفوس المسلمين في صالح طموحاتها وبدعها !.
بقلم | الشيخ أحمد السبيعي
الأحد ١٩ شوال ١٤٣٧
٢٤ / ٧ / ٢٠١٦