كيف أعلمُ أنِّي مصلح ؟
كيف أعلمُ أنِّي مصلح ؟
لم يجعل الله الادِّعاء وحده كافياً، بل جعل اختبار العمل الواجب محكاً ؛ يعلم الإنسان فيه من نفسه أنه قد وضع قدمه على الطريق الصحيح .
فكم ممن يزعم الإصلاح بعد الصلاح ، ويبكي على مصائب المسلمين ، ويزعم الاهتمام بأمورهم ، ويعود باللائمة على المسلمين لأنهم مستهلكون لما يصنعه الكفار وكأنه هو الذي سيصنع لهم مجداً !
يا هذا ، لا نريد منك أن تصنع لنا آيفونا؛ نريد منك ما هو أيسر من ذلك بكثير في العمل، وأعظم فائدة لك وللمسلمين ؛ وهو أن نعمل جميعاً بقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
فإذا عرضت عليه مسألة دلالة الأحاديث عليها أوضح من الشمس، وفي قول الصحابة وأئمة السنة بوضوح دلالتها في الوحي : تجده لا ينصاع ولا يطأطئ الرأس، ولا يذل لشرع الرب واتباع الحق بل تجده يولي معرضا، قال الله:
{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
وقال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا}
لقد حفظ المسلمون آيات كثيرة من على المنابر تدعو إلى تحكيم الشريعة والتحاكم إليها ويقترن مع ذكرها تنزيلها على الحكام وعلى العلمانيين وعلى من يخالفهم أما أن يحكموها هم ويرجعوا إليها فكأنما هم غير مخاطبين بها إنما هم مخاطبون بالشبه التي يثيرها شرعيوهم ليحرفوها عن معانيها .
إن أنبل صفة في أصحاب النبي بعد الإيمان وبعد فضلهم الخاص الذي أعطاهم الله دون الناس من صحبة النبي هي سرعة الاستجابة للحق وتحكيمه والتسليم له بعد تعظيمه والبحث عنه .
ولا ينبل أحد من الأمة بعدهم -عالمٌ فما دونه- إلا بذلك .
يا لها من مخادعة للنفس وللناس وللدين أن يزعم أحد في نفسه بعد الصلاح إصلاحا ثم يتبع هواه.
إنها أبشع صور الانحطاط الديني والأخلاقي ، وهو اتباع الهوى ثم يريد منا ومن المسلمين أن نصدق دعواه، وحاله ومقاله وأعماله تشكك في صلاحه فكيف بدعوى الإصلاح ؟.
إن المسلمين والمسلمات اليوم مطالبون بقوة القلب وتجاوز مرحلة تصديق الدعاوى ممن يستمر مع الجماعات أو يتساهل معها أو لا يقول بالسنة الظاهرة !
إن الله لم يأمر بشق القلوب، ولم يجعل دعوى حسن الخلق ولطف القول عقيدة يتترس من ورائها ويختفي أهلُ الأهواء .
لكن أَهْلَ الأهواء هم الذين زعموا ما زعموا وتباكوا وصاحوا وامتهنوا حرفة التمثيل اللفظي والعملي فأعطاهم المسلمون الفرصة للضرر ونشر الشر بترك التحاكم إلى ظاهر الشريعة وأصول السنة.
فأهل السنة هم الحاكمون بظاهر الشريعة على ظاهر أحوال الناس حقيقة، وأهل الاهواء هم المتسترون بدعاوى حسن المقاصد والأخلاق، مظهرون للبدع كلما سنحت لهم الفرصة.
أنتَ أخي المسلم أنتِ أختي المسلمة الذين أعطيتم لأهل الأهواء المناخ للتمثيل والدعاوى.
فلا صلاح ولا إصلاح في الأصل إلا باتباع السنة والصحابة.
بقلم الشيخ أحمد السبيعي
الجمعة ٣٠ ذي القعدة ١٤٣٧هـ
الموافق ٢ سبتمر ٢٠١٦