داعش والدولة !
*داعش والدولة !*
(١) الجماعات الإسلامية السياسية سارت سيرًا حثيثًا نحو كسب المسلمين والسلطة في طريقين :
أ- طريق الإيمان والقرآن والذكر والعبادة والحاكمية ، والسعي نحو استئناف الحياة الإسلامية وإقامة الخلافة والدولة الإسلامية - طبعًا دولنا ومجتمعاتنا في عقيدتهم غير إسلامية ! - .
ب- طريق التقدم للسلطة عن طريق العمل السياسي - أو الجهاد - .
(٢) وفي تسعين سنة - تزيد أو تنقص بحسب تبلور مذهبها ، لا نشأة جمعياتها في أواسط العشرينات -تمكنت هذه الجماعات الإسلامية من صبغ التدين بصبغتها المختصة بها - بقدر يقل أو يكثر - في عموم أمصار المسلمين - على استثناء وتفصيل - .
(٣) يحرص الإخوان المسلمون - وهم أقوى جماعة يمكن أن يضرب بها المثل للتدليل - يحرصون على أمرين في الأتباع :
أ- زرع السمع والطاعة وبناء الثقة .
ب- تدريس أصول الفقه وإعطاء معلومات سياسية خاصة ، حتى يقتنع التابع أن الأمور العامة بالأمة تحتاج إلى متخصصين ثقات ، وفيها تفصيل لا يستطيعه أي شخص ، وأن جماعته فيها كوادر عريقة ناصحة تجتهد لمصلحة الإسلام ، حتى لو كان متعلَّق ذلك مسائل كبار واضحة في السنة كمعاملة حكام المسلمين !
(٤) الدعوات - أو الجماعات - التي تبنت وركزت على الشق الأول من النقطة الأولى ، والتي تُبنى على التدين مع حاكمية سيد قطب وكفر الحكام الطواغيت وجاهلية المجتمع ، وأخذت بالجانب العقدي المذهبي الخروجي القطبي ، ولم تنخرط في إطار "الإخوان المسلمون" ؛ انقسموا إلى مسالك :
أ- من تبنّى مع التكفير : التفجير والجهاد - فنشأت عشرات الجماعات ؛ من "التكفير والهجرة" ، إلى "الجماعة الإسلامية" التي امتدت مسيرتها إلى إنشاء القاعدة ومن ورائها داعش .
ب- القسم الثاني : من رأى أن جماعة الإخوان المسلمين لا يعتنون بالعقيدة الصحيحة ولا بسنن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أبواب التوحيد وإثبات صفات الله عز وجل على ما يليق به سبحانه ؛ فتبنوا - على تفصيل -هذا الاعتقاد ، مع تبنيهم صبغة تدين الجماعات وحاكمية سيد قطب وما يلزم من ورائها من الخروج والعناية بما يوصل إلى السلطة من السياسة .
وابرز تيارين في هذا السياق :
١- تيار وجماعة محمد سرور زين العابدين .
٢- تيار وجماعة عبدالرحمن عبدالخالق .
( ومن الطريف أنه حين مات سرور ترحَّم عليه أبو محمد المقدسي ، أحد أكبر منظري ومفتي داعش ، وقال : إن محمد سرور هو أول شيخ له درس عليه التوحيد ! ) .
(٥) الفجوة السحيقة التي خلفها سقوط بعض الأنظمة في العالم الاسلامي ، وتسلل القاعدة والقطبيون لمواضع النزاع ، وإلهاب مشاعر الشباب المتعطش للجنة من المحاطين بجوِّ الجماعات والتكفير وحاكمية سيد قطب ، فبرزت داعش بمذهبها الديني الواضح - دعني من تحليلات السياسة والسياسيين - ، وتدفَّق إليها ألوف الشباب من بقايا القاعدة ومهاجري الغرب وحديثي التدين - خاصة مع تظافر فتاوى شيوخ الجماعات والفتنة على وجوب القتال - ، فماذا كانت الثمرة ؟
هذه الدولة الاسلامية -بنت مذاهب الجماعات -التي شوهت دين الاسلام تشويها .
يقابلها طلائع الجماعات الاسلامية التقدمية -التي احترفت العمل السياسي -فعلمت ان قوالب الديمقراطية والتعددية هي السلم الوحيد المتاح أمامها للسلطة !.
فداعش ببندقيتها وطيشها ، والجماعات بتلونها وقدراتها : وجهان لعملة واحدة تاريخا ومذهبا في الشق العقدي الذي يسمى اليوم النظري -دعك عن اختلافات الاقوال والوسائل !
فبين الدماء والأشلاء وتحريف دين الأنبياء تدور رحى الجماعات الإسلامية السياسية !
بقلم الشيخ أحمد السبيعي
الإثنين ٦ ربيع الأول ١٤٣٨ هـ