خطّان متوازيان في الخيانة من البداية إلى النهاية !


التصنيفات
الشيخ: 
القسم العلمي: 
خطّان متوازيان في الخيانة من البداية إلى النهاية !
 
مسيرة أهل البدع المعوجَّة في الدين ليست أمرًا طارئًا في حياة البشرية ، ولا في الإسلام . فمنذ بداية بدعة الخوارج سلك الخوارج مسلكين متناقضين :
 
١- دعوى الدعوة إلى تحكيم الشريعة .
٢- الخروج عن تحكيم الشريعة بالخروج على ولاة الأمر ، وفي ترك تحكيم السنة .
 
وهذه هي ثمرة الهوى المتضخِّم في النفس ، والذي يتبعه الإنسان .
 
وذلك أن اتباع الهوى - باستمرار أو بتكرار - يُفسد إرادة القلب من حيث لا يشعر الإنسان ، وإذا فسدت إرادة القلب فسد تصوُّره وعلمه ورؤيته وفهمه للأشياء ، فيرى الحسنة سيئة ويرى السيئة حسنة ، حتى يصل به الحيف إلى أن « يُبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذل أو الجذع في عين نفسه » .
 
ولا تقل لي : « فلان ظاهره السنة » إذا أصابه الهوى بمقتل ! لأن اتباع الهوى - بغض النظر عن ما يظهره متبعه من مقولات - تورثه زهوًا وعجبًا وتيهًا - كالخوارج - ، يدفعه سعيه الذي يفرضه مرض قلبه إلى البغي والعدوان !
 
ولنعد إلى شرار الخلق ، كلاب النار ، شر قتلى تحت أديم السماء ؛ كما وصفهم بذٰلك الرحمة المهداة الرسول ﷺ :
 
فبدعوى تحكيم الشريعة ، والغيرة على الدين ، والغضب لله عز وجل ، وتبنّي القضايا الإسلامية : ألهبوا مشاعر الناس ، بما فيهم العُبّاد الذين يتعبَّدون أكثر من الصحابة رضوان الله عليهم ، بتنصيص الرسول ﷺ .
 
وفي الوقت نفسه يقدِّمون عربون الشيطان ؛ من تحريف الدين ، وترك تحكيم السنة ، والاقتصار على اتباع ظاهر القرآن . وهذا بعينه حكمٌ بغير ما أنزل الله ، وتركٌ لتحكيم الشريعة .
 
كل ذلك يستره الغضب لله ، والنصرة للإسلام ، وجهاد أعداء الدين . وهو الدور التمثيلي الكاذب الذي يمارسه أهلُ البدع والأهواء في كل زمان ومكان .
 
فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يعوا تمام الوعي هذه الأوصاف ، وهذه الطريقة التي يتستَّر بها أهل الأهواء .
 
ولا ينبغي أن يعتمد المسلمون في كشف أهل الأهواء على تتبُّع أعيانهم وأشخاصهم مع معرفة مقولاتهم الباطلة فقط !
 
وقد رأينا رأي العين من يزعم التخصُّص في كشف الفرق ومعرفة مقولات أهلها ، تخور قواه في معاداة الجماعات ، حتى رفض بعضهم تسمية ( داعش ) بالخوارج !
 
إن الكشف والحذر من أهل الأهواء يحتاج إلى عناصر واضحة ؛ أذكر منها :
 
١- معرفة الحق الأوّل قبل التفرق وما عليه الصحابة ، ومعرفة السنة بعد التفرق .
٢- الإيمان الصادق الراسخ بذلك ، مع الإخلاص لله .
٣- الاستسلام للحق ولوازمه استسلامًا تامًّا.
٤- معرفة الباطل المعارِض للحق الصحيح إجمالًا أو تفصيلًا .
 
٥- اليقين في الإيمان بالحق وحبه وموالاة أهله واليقين في اعتقاد بطلان الباطل وبغضه وبغض أهله بحسبهم.
 
٦- ترك التأثُّر بحيل أهل الأهواء والباطل ؛ كالمتاجرة بدعوى حسن الخلق الكاذبة التي فشى استعمالها من المبطلين في هذا الزمان ، ودعوى حسن الظن وتعميم حُكمها على من يخون الحق والسنة ، ونحو ذلك .
 
وفي البداية كانت الخوارج .
وفي النهاية صارت الجماعات .
 
وها هي الجماعات تنهج نهج الخوارج حذو القذَّة بالقذَّة ، وذراعًا بذراع وشبرًا بشبر :
 
١- فحاكمية سيد قطب ، التي حكمت على عثمان ومعاوية رضي الله عنهما وأرضاهما بالخيانة للحكم بما أنزل الله عز وجل ، ثم رَمَت مجتمعاتنا كلها بالجاهلية ، تحت ستار الحكم بما أنزل الله والغضب لله عز وجل وتبني قضايا الأمة ونصر الدين .
 
٢-وفي الكفَّة الأخرى - كالخوارج الأولين - : خيانة حكم الشريعة ، والتلاعب بأحكام الدين . وقد شهدت قبل عقود بعض الجماعات تأمر أتباعها بحلق اللحى والانخراط في سلك القضاء - وهو حكمٌ بغير ما أنزل الله - ، وتأمرهم بحلق اللحى والانخراط في الجيش والشرط - وهم آلات الطواغيت في اضطهاد الشعوب بزعمهم - ، وتأمرهم بحلق اللحى والدخول في شركات النفط حتى يرقوا في المناصب - وهي الضرع الذي تقتات منه الدولة - ! وهذا مثالٌ من مئات .
 
وفي نهاية النهاية :
يأتي مفتيهم يستنكر تذكير بعض المشايخ بالله عز وجل ، وحثِّهم الناس على ذكر الله عز وجل ، وتركهم قضايا الأمة !
 
وطبعًا مراده ترك قضايا الأمة على الطريقة التي عليها هو ، والتي من أمثلتها في سيرته غير الشريفة : فتواه الجماعات بصرف الزكاة على مرشحيها !
 
فالخوارج هم الخوارج ، وأهل الأهواء هم أهلُ الأهواء ، وبحمد الله وفضله أهلُ السنة هم أهل السنة . فاعرف الحق تعرف أهله ، واعرف الباطل تعرف أهله .
 
 
بقلم الشيخ أحمد السبيعي
الإثنين ٣٠ محرم ١٤٣٨ هـ
٣١ أكتوبر ٢٠١٦