السؤال:
فضيلة الشيخ عفا الله عنا وعنك، ما توجيهكم لمن يقوم بِنَزع فتاوى العلماء التي تُلصَق على أبواب المساجِد، وفي الأَماكن العامّة، وكذلك مَن يَنزِع إعلانات المحاضَرات التي يُلقيها بعض العلماء، وطلاب العلم، وإعلانات الدورات العلمية، ولأضرب على ذلك مثلاً هو: أنه قام أحد الإخوة بتوزيع ما صدر من فضيلة الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وما صدر من فضيلتكم -حفظكم الله- مما يتعلق بخطورة انتشار النشرات التي تأتي من لندن، قام بتوزيعها في أحد المساجد، فقام بعض الناس بسحبها فوضعها مرتين، فثلاث، فَسُحِبت، فلمّا سأل من قام بهذا العمل؟ قال: هذه تُثير الفتن بين الناس، فما توجيهكم حفظكم الله تعالى؟
الجواب:
توجيهنا أن هذا الرجل إذا كان يفعل ما يفعل كراهةً للحق فإنه على خطرٍ عظيم، لأن كراهة الحق من نواقض الإسلام، وأما إذا كان يفعل ذلك كراهةً للشخص الذي يقوم بالحق، بقطع النّظر عما يقوم به، فهذا دون الوجه الأول، ولا يُعتبر في حكم الأول، لكنه آثم ومُعتدٍ على أخيه، حيث منع من انتشار علمه، ومزّق وسائل الانتشار.
وأما دعواه أن النّشرات التي تأتي من لندن تُثير الفتنة، فلا أظنّه صادقاً في هذا، أي: أنه قال هذا ولا أظنه صادقاً فيه؛ لأنه يعلم أن الفتنة كل الفتنة في انتشار هذه النَّشرات، وتمزيقها وإحراقها هو سبب لإطفاء الفتنة، ولا أحد يَفتتن بها، ويحب أن تنتشر إلا وهو من رؤوس الفتة والعياذ بالله.
فنصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي شعبهم الوادع الهادئ المطمئن، وألّا يقبلوا مثل هذه النشرات التي تُثير البغضاء والعداوة والكراهة للعلماء ولولاة الأمور، وتوجِب الشُّقة والفُرقة بين الرَّعية والراعي؛ لأن هذا من أسباب الفِتن، ومن تتبّع التاريخ وجد أن أول الفتنة كلام وآخرها سهام.
فنصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله -عز وجل-، وأن يكونوا من دُعاة الحق، ومُحبي الخير في الأمة، ولكننا واثقون بإذن الله -عز وجل- أن هؤلاء لن يفلحوا، كل من كان ظالماً فإنه لا يُفلح لقول الله –تعالى- ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام: ٢١]، ولقول الله -تعالى- ﴿ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: ٨١]، ولا شك أن النَّشرات التي تأتي من لندن، كما قال الأخ السائل حسب ما نعلم أنها إفساد، ومَثار للفتنة، وأن إتلافها هو الذي يحصل به زوال الفتنة، وأنا أنصح كل من رآها أن يُمزّقها ويحرقها، وأن ينصح من ابتلي بمحبة انتشارها.