اللقاء المفتوح السادس (تفسير سورة العصر - الجزء الثاني) مع فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله والذي عقد مساء الجمعة 25 رجب 1435 هـ
- العنوان: اللقاء المفتوح السادس (تفسير سورة العصر - الجزء الثاني) مع فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله والذي عقد مساء الجمعة 25 رجب 1435 هـ
- الشيخ: عبيد بن عبد الله الجابري
- القسم: | لقاء مفتوح
- تاريخ الفتوى: 24/05/2014
بسم الله الرحمن الرحيم
تتمة تفسير سورة العصر (الجزء الثاني ) اللقاء المفتوح السادس مع الوالد العلامة عبيد الجابري –حفظه الله-.
أحييكم أيُّها المستمعون الأفاضل الكرام من المسلمين والمسلمات، وأحدثكم عبر إذاعة النهج الواضح، من الكويت الجارة والحبيبة، هذه ِالإذاعة التي يقوم عليها أخونا وصاحِبُنا الشيخ محمد ابن عثمان العنجري وإخوانه، ومنهم الشيخ فارس ابن علي الطاهر الذي سيقرأ عليكم الأسئلة بعد قليل إن شاء الله تعالى-.
ونبدأُ هذا الحديث معكم من تِلْكِمُ الإذاعة الذي هي البوابة الثانية للسلفيين، ولم أعرف بوابًة أخرى خارج دول الخليج.
نبدأُ أولًا: في إكمال تفسير سورة العصر.
وقف الحديث منا عند قولهِ تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر 3].
هذهِ الصِّفاتُ الأربعة أستثنى الله – سبحانهُ وتعالى – أهلها من الخُسْران في قولهِ تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر 2]. وهذه ِالصفات دليٌل صريح على أن الخُسر هو الخُسر الذي لا رِبحَ بعده، والشَّقاوة التي لا سعادة بعدها، وهو خسران الكُفار، ومنهم ذوي النفاق الذي الأعتقادي، وهو مظهرة الإسلام ومستبطنة الكفر، فهؤلاء موعدون من الله - سبحانه وتعالى - متوعدون من الله - سبحانه وتعالى - لأنهم في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء 145].الآية.
وأعلموا أيُّها المسلمون أولًا أقول:
هو قوٌل فاللسان هذا تعريف الإيمان : هو قوٌل فاللسان، واعتقاٌد بالقلب، وعمٌل بالجوارح، يزيدُ الطاعة، وينقص بالمعصية.
و هذا هو أحد التعريفين عند أهل السنة، ونكتفي بهِ الآن اختصارًا للوقت.
وثانيًا: ليعلم كل مسلٌم ومسلمة أن أهل هذا الإيمان قسمان:
أحدهما: هم أهلُ الإيمان الكامل.
وهم من لقوا الله – عز وجل – على التوحيد الخالص، والسلامةِ من المعاصي ومنها البدع، وأولائكم الذين عناهم الله- عز وجل – بقوله : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال 2]. إلى أخر الآية بعدها، أو إلى أخر الآيتين بعدها، هؤلاءِ هم أهل الإيمان الكامل .
الثاني: أهلُ الإيمان الناقص.
وتحت هذا القسم أهلهُ سوء المعاصي الكبار، ومن أولائكم أهل البدع غير المكبرة، وهذا هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليهِ الأئمة ، فهؤلاء لهُم من المسلمين الأخوة الإيمانية العامة هذه الخصلة الأولى: ﴿ آمَنُوا ﴾ [العصر 3].
الثانية ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر 3]، والعَملُ الصالح : هو ما أجتمع فيه أمران وهما شرطانِ بقبول العمل:
الأول: تجريد الإخلاص لله وحده. والثاني: تجريدُ المتابعة لرسوله – صلى الله عليه وسلم – .
قال علمائنا: العمل المنتقد الإخلاص لله كان شركًا أو رياءًا، وإن فقد المتابعة لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان بدعة، ومتى جمع العمل الإخلاص لله، والمتابعة لرسوله –صلى الله عليه وسلم- فهو عمل أهل السنة.
وأنبِهُ ها هُنا إلى أن أهل البدع من مميزاتهم، وعلاماتهم التي يختصون بها، أنهم يُفصِّلون في الإخلاصِ تفصيلًا قويًا، واسعًا، وأما المتابعة فلهم فيها مسلكان:
أحدهما: الإجمال دون تفصيل. والآخر: إغفال المتابعة بالكل.
وأهل السنة والجماعة يُفصِّلون في هذا، وهذا، يدعون إلى التوحيد الخالص للهِ -سبحانه وتعالى-، ويحذِّرون من ضدهِ، وهو الشرك، ويدعون إلى متابعة النبي –صلى الله عليه وسلم-، ويحذرون من ضده وهو البدعة.
وقال علماؤنا أيضًا: العملُ من حيثُ اجتماعُ الإخلاصِ والمتابعة، -من حيث اجتماع الإخلاص لله والمتابعة لرسوله –صلى الله عليه وسلم- وعدم ذلك، أربعة أصناف: الصنف الأول: ما كان خالصًا على السنة. الثاني: ما كان خالصًا لله، غير موافق للسنة. الثاني: ما كان خاصًا لله غير موافق للسنة. الثالث: ما كان موافق للسنة، غير خالصٍ لله. والرابع: ما كان غير خالصٍ لله، وغير موافقٍ للسنة.
وبالنظرِ إلى هذه الأصنافِ الأربعة، يتبينُ لذي البصر والبصيرة، أن المقبول من هذه الأصناف، هو الصنفُ الأول، لماذا؟
لأن صاحبهُ جمع فيهِ بين الإخلاصِ لله، والمتابعةِ لرسوله –صلى الله عليه وسلم-، وهؤلاءِ هُم خاصة محمد –صلى الله عليه وسلم-، وهم أهل السنة والجماعة.
الوصف الثالث: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر 3].
يعني يوصي بعضهم بعضًا بالحق، والحق ضد الباطل، والجامع لهذا أن ما هو لله –عز جل- فهو حق، وكما كان مغضبًا لله ومسخطًا له، فهو الباطل.
ومن هنا يسوغ القول بأن دعوة أهل السنة تقوم على التربية والتصفية، فالتربية: هي تنشئة عوام المسلمين، وخواصهم، صغارهم، وكبارهم على الدين الخالص لله -عز وجل- وَهُو مَا جَمَعَ بَينكُمُ الشَرطَين.
والتصفية هي تَحذيرُ الأُمَة مِن كُلِ مَا كَانَ مُبغِضًا للهِ- عَزَّ وَجَل- مُسِخطًا له سَواءً كَان بِدعَة أَو مَعصية.
وَأَعظَمُ ما يُرضي اللهَ- سُبحانهُ وَتَعالى- التَوحيد، ثُمَّ مِن بَعدُ سَائرُ الطَاعات، والقُربات، فرضًا كَانت أَو نَافِلة ، وأَعظَمُ مَا يُسخِطُ الله- سُبحانهُ وَتَعالى- ويُغضبهُ على عَبده الشِركُ بهِ، ثُمَّ مِن بَعد سَائرُ المَعَاصي، وأشدُها البِدَع كما قالَ بعضُ الأئمة: البِدعَةُ أَحبُ إِلى إِبليس مِن المَعصِية. لماذا؟
قالَ: لأنَّ المعصية يُتابُ مِنها، وأما البِدعة فلا يُتابُ مِنها أو يُحبُها، أحبُ إلىه من المعصية، والمعصية أَشدُ عَليه، المَعصية شَديدة عَليه، ويُمكن التَوبَة منها.
وصحَّ عن النبي- صلى الله عليه وسلم- من مجموع الطُرُق: أنَّ اللهَ احتَجَزَ احتجبَ، أو احتَجَبَ التوبةَ عَن كُلِ صَاحِبِ بِدعة. فَليَحذَر المُسلِمون البِدعة.
الرابِعة: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ِ ﴾ [العصر 3]. والمعنى يُوصي بعضُهُم بالصبر، يُوصي بعضُهُم بعضًا بالصَبر، بأقسامهِ الثلاثة:
الأول: الصَبر على طاعة الله وإن كانَ فيها من المَشقَّة، حتى يُؤديها المُسلِم.
الثاني : صَبرٌ عن المعصية، وإن كانَ فيها ما يُزينُها، حتى يَدعَها.
والثالِث: الصبرُ على الأذى في اللهِ- سبحانهُ وتعالى-.
وهاهُنا يجبُ التنبيه إلى قاعِدةً خاطئة عند إطلاقها، وهو قولُ بعضُ الجَهَلة أو المُتفَلسِفة مُطلقًا هكذا: (يجبُ الصبرُ على المُخالِف).
هل هذه القاعِدة في هذا الإطلاق خاطئة، لماذا؟
لأنَّ المحفوظَ والمُجمَع عليه من أئمةِ أهل السُنة، أنَّ المُخالفين قِسمان:
مُخالفٌ في الأصول، ومُخالِفٌ في الأحكام.
مُخالِف لا مجالَ للاجتهاد في مُخالفتهِ لأنهم إما جاهِل، وهذا يُعَلَمَ ، وإما عالِم وهذا شأنهُ آخَر، وخالِفٌ في مخالَفَتهِ مَجالٌ للاجتهاد. معنى أنَّ الأدلة تتنازع هذه المخالفة، وهذا في الأحكام، فالأصول أصول الدين التي هي العقائد تلقاها الصحابةُ عن النبي- صلى الله عليه وسلَم- فلم يختَلِفوا فيها، وتَلَقاها التابعونَ ومن بَعدهم إلى اليوم فلم يختلفوا فيها، وإنما الخِلاف بين أهل السُنة وأهل الهوى ، وهذا هو خلاف لا يُنظَرُ إليه منه.
ثُمَّ هؤلاءِ المُخالِفون لأصول الدين قسمان:
قسمٌ هو داعيةٌ إلى بدعته، يُقررُها في كُلِ مجالٍ يُمكنهُ أن يُقررها من خِلاله، المحاضرات والندوات والدروس والخُطَب فهذا تُردُّ بدعتهُ ويُشَنَعُ عليه.
إذا كانت الكفة الراجحة وقوة الشوكة، والصَّوْلَةُ لأهل السنة فإنهم لا يبالون بهؤلاء، بل يُغلضون عليهم القول فيحذرون منهم، ويشنعون عليهم، ويصيحون بهم مِن كُلِ حدث و صوب حتى يحال بينهم وبين الأمة، كي لا يفسدوا على الأمة دينها.
وأما إذا كان الأمر عكسيًا بأن تكون قوة الشوكة، والكفة الراجحة والصَّوْلَةُ والجولة لأهل البدعة وأهل السنة ضعفاء، فإنهم ينكرون البدع ويردونها بالدليل من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح ، حتى يحذرها الناس، وأما رؤوس المبتدعة فيسكت عنهم في هذه الحالة.
هذا ما هو ما حفظناه عن سلف هذه الأمة، وقد قررتُ هذا في رسائل لي منها (الحد الفاصل) وهو والله وبالله وتالله ليس من بنيات أفكاري، وإن عبيد محدثكم أحقر من أن يقرر هذا من بنياتِ أفكاره، كلا والله، لا أقرر هذا من بنيات أفكاري، بل هو خلاصة ما استقر عندي من كتاب ربي والسنةِ الصحيحة عن النبي –صلى الله عليه وسلم - ومما أجمع عليه أئمة العلم، والدين، والإيمان من سلف الأمة، وهم الصحابة ومن بعدهم، ومن اتبعهم بإحسان الصحابة -رضي الله عنهم - ورحمه الله أئمة الهدى والعلمِ والإيمان بعدهم.
فأما الخلاف في الأحكام فهذا فيه وجهان من الاجتهاد، ولكن من كان عنده قدرة ونظر يُرجح بما استقر عليهِ الأمرً عنده، من غير تشنيع على المخالف.
ومن أمثلةِ ذلكم، المثالُ الأول: حكم تارك الصلاة متهاونًا.
فريق من علمائنا يكفرونه ولهم من الأدلة ما لهم، وقد بُسِط في غير هذا الموضع ولا أبسطه الآن اختصارًا للوقت.
والطائفة الأخرى تفسقه ولكلٍ أدلة، ولا يجوز أن يعنف أحد الفرقين على الأخر.
بقي المجتهد الذي عنده أهليه لنظر في الأدلة يرجح ما استقر عنده ولا يشنع على الآخرين. مثال في أمور العقدة وهو فرعي:
أجمع أئمة العلم والإيمان على أن القلم والعرش أول المخلوقات وإنما اختلفوا لأي أيهما كان هو الأول ففريق يرجحون أسبقية العرش لحديث ((كَانَ اللَّه وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ)) في رواية ((وَلَمْ يَكُنْ مَعهُ غَيْره)) في رواية ((وَلَمْ يَكُنْ غَيْره)) ((وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء)) هذا الحديث صحيح، ومن رحج أولية القلم حديث: ((إنَّ أوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلمَ)) جاء في بعض طرقه صحيحًا: ((إنَّ أوَّلَ شَيْئًا هو القَلمَ)) والجمع بينهما وهو حسب ما أعرف أنه عن ابن القيم –رحمه الله- قال: أول شيء - يعني من العالم - بعد العرش ، فنحن على هذا ولا نعنف على من خلفنا بما عنده من الدليل والله أعلم .
هذه الصفات الأربع استنبط الشيخ محمد -رحمه الله- أربع مسائل:
المسألة الأولى : العلم.
والمراد العلم الشرعي وبرهان ذلكم في قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [العصر 3]. ومعنى الإيمان على وفقِ ما أسلفت بِعبر أخرى أنه لا يدركُ ذلكم إلا العلماء ومن جالسهم التفصيل في الإيمان، أما عوام المسلمين هم مع من أفتاهم، والمجالسون من عَوامِنا لأهل العِلم و لله الحمد على هذا.
الثاني: العمل.
العمل هو ثمرة العلم وزكاته ولهذا قال قائل أهل العلم: إن علم بلا عمل كشجرة بلا ثمر. الإنسان الذي لم يعمل بما علمه الله هذا شبهَهُ.
وفي الحديث الصحيح المخرج في الصحيحين وغيرهما عن أسامة ابن زيد –رضي الله عنهما- عن النبي –صلى ى الله عليه وسلم- أنه قال: ((يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ، مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ)) وهذا الحديث أخرجه البغوي في تفسيرهِ عند قوله تعالى في تشنيعه على بني إسرائيل: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:44].
الثالثة: التواصي بالدعوة.
هذهِ واضحة من قوله تعالى:﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر 3].وهذا إشارة إلى أن المنتسبين إلى الدعوة أقسامٌ ثلاثة:
أحدهم: أهل البصير والهدى.
هم الذين نورهم الله بالعلم وفقههم في الدين، فيدعون إلى الله على بصيرة ونور من الله -سبحانه وتعالى- وهؤلاء الدعاة على بصيرة هم على ميراث محمد –صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح: ((إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )).
القسم الثاني من الدعاة: دعاة الجهل.
فهؤلاء حقهم على إخوانهم أن يبصروهم بالدعوة الحق ولا يتركوهم جهالًا، فالجاهل في الغالب تنفعُ فيه النصيحة، لأنهُ خالي القلب، فهو في الحقيقة يعني سهل القياد لمن سبق إليه، فإن سبق إليه عالم سنة وداعي سنة انتصح وامتثل ووقف عند السنة، وقد يصبح داعية بصيرة ، وقد لا يكون عنده قدرة فيسكت ويبقى على السنة، هذا هو الثاني.
فإن صدق في نصحه صاحب بدعة أخذه واختطفه، وهذا غرق مسكين بشيطان الإنس، وشيطان الإنس أشد من الشيطان الجني، لأنه الشيطان الإنسي أقرب من الشيطان الجني، لأنَّ الناس يركنون إليه ويعجبهم زيه وقوله المخالف هذا بما أُتيه من فصاحةِ لسان، وبيان فيظهرُ للناس فينجرون معه.
وأذكر على سبيل ذالكم صالح ابن عوَّاد المغامسي هذا جاهل في علم الشرع، أجهل من حمار أمه وأبيه، أقولها ولا أجد غضاضة، فهو داعيةُ تصوف، ومتهور ، ولا يجوز في الحقيقة الاستماعُ إليه، ومن جلبهُ إلى بلدكم أو إلى أي بلد فهو غاشٌ للرَّاعي والرَّعية، ولا يُنْصحُ بالاستماع إليه، ولا يؤخذ عنه العلم، لأنه عاري من العلم، وإنما هو بريدُ هوى، وجسر بدعة .
قلنا الثالث داعيَّةُ هوى وهذا أمرُهُ واضح، هذا ممن أضلَّه الله على علم فيُحكم العقل ويستخدم القياس الباطل ويدَّعُ السنة وراء ظهره، وهؤلاء هم أئمة الضلال ومنهم على سبيل المثال: الدكتور يوسف ابن عبد الله القرضاوي، هو داعيَّةُ ضلالة جلد ، وإن لم يكن هو منظم جماعة الإخوان المسلمين، و هيَّ إحدى جماعتين كبيرتين ضالتين مُضلتين إن لم يكن هو المؤصل والمنظم لهذه الجماعة الضالة المضلة فهو من أكبر ممثليها فيجب الحذر منه وجوبًا، ومن وثق فيه، ومدحه، ولم يذمَّه وهو على علم وبصيرة بحاله، فهو ضالٌ، مضلٌ، مبتدعٌ مجرم
والجماعةُ الثانية جماعة التَّبليغ وهيَّ الجماعة الأخرى الضالة، المضلة ، المبتدعة، الصوفية، المقنَّعة التي لا تدعو إلى توحيد الإلوهية، وإنما ما تدعو إليه توحيدٌ أقرَّ به قبله أبو جهل وأضرابه ، ولم يدخلهم في الإسلام لإنكارهم توحيد الإلوهية وهو ذالكم التوحيد الذي اتَّفق على الدَّعوة إليه النبيون والمرسلون، بدأً من نوح أولهم إلى محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- خاتمهم -صلى الله وسلم عليهم أجمعين-.
هذه دعوتهم واسمعوا قول الله -عزَّ وجل- على سبيل المثال : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء:25]. وجماعة التّبليغ يُفسرون لا إله إلا الله بأنه لا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله إلى آخر شنشنتهم.
يجبُ على أهل الكويت الجارة الحبيبة أهل السنة أن ينبذوا جماعة التبليغ ولا يستمعوا إليهم وأن يضللوهم بما استطاعوا، وأن يُبدَّعوهم بما استطاعوا سرًا، وعلانية كما هو الحال، والشأن بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين وقد فصلتُ القول في مواطن كثيرة في قاعدتهم الفاجرة وهيَّ قاعدة المعذرة والتعاون، نتعاون فيما اتَّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
هذه الصفات الأربعة استنبط ابن القيم –رحمه الله- مراتب جهاد النفس وهيَّ أربعة :
المرتبة الأولى : جهاد النفس بالعلم.
- وأنا أحكيها لكم بالمعنى - فكلَّما تزود المرءُ علمًا نال حظًا أوفر من الهدى، ودين الحق وبقدر ما يفوت على المرء من العلم ينقصُ حظَّهُ من الهداية والحظ.
الثانية : العمل وقد فصلنا القول فيه.
والثالثة : الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- وقد مضى تفسيرُها .
والرابعة : الصبر وقد مضى تفسيره.
انتهى القول ولله الحمد والمنَّة في هذه الصفات الأربعة، التي استنبط ابن القيم –رحمه الله- منها مراتب جهاد النَّفس .
وبهذا استأذنك الشيخ فارس، والقائمين على هذه الإذاعة السلفية إذاعة النهج الواضح، واستأذن كذلك المستمعين بأني غدًا يعني تعبت شيئاً ولعلكم سمعتم بعض سُعالي.
فنعود إن شاء الله إلى هذه الإذاعة ليلة السبت القادم يوم الجمعة في نفس الوقت إن شاء الله تعالى، و نستعرض ما تيسر من الأسئلة.
أستودعكم الله جميعًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .