الإنتصار للأهواء والمتاجرة بالأخلاق
الانتصار للأهواء والمتاجرة بالأخلاق !
أطلعني بعض الاخوة -وفقه الله -على مثال صارخ وكاشف للطريقة الاحترافية التي عليها الجماعات في التعامل مع عموم المسلمين .
ففي بعض المجموعات قام رجل من جماعة الاخوان المسلمين بوضع مادة ظاهرة في نصرة ما يتبناه من التكفير والطعن واللمز بكل التوجهات إلا وجهته المجاهدة التي تحمل همّ المسلمين وتتبنى قضاياهم وحدها !
ثم لم يلبث فوضع رسالة حانية داعيا الاخوة في المجموعة للحرص على الاخوة والتواصل ،والمحبة والتآلف ،والاجتماع وترك المسائل الخلافية للمتخصصين .
فجمع في موضع واحد وفي وقت قصير بين مسارين تحرص عليهما الجماعات معا -على اختلاف باطلها -لتفرض على المسلم قسرا -لرقة قلبه وحبه للخير وتعظيمه للحرمات -تفرض عليه توجهها بالقوالب التمثيلية الباكية .
فإذا تكلم صاحب سنة باعتقاده مع الدليل الواضح من الوحي والنقل الناصح من اَهل العلم وبالأسلوب الحسن أشاروا اليه بإصبع الاتهام انه هو المجرم جافي الطباع الذي لا يشعر بمآسي المسلمين ويسعى الى التفريق بينهم !
إننا أيها الاخوة والاخوات -الذين لم يبتلوا بحمدالله عز وجل في الدخول مع الجماعات صراحة ،وأقول صراحة لأننا ايضا اليوم امام من يدخل مع هذه الجماعات دخولا غير صريح في فهمها للدين وتمسكها بالأحكام ويتأثر بأطروحاتها وان كان ينقدها وقد يكرهها على المستوى التنظيمي والتحزبي والسياسي -
فأقول إننا أيها الاخوة والاخوات أمام جماعات محترفة تربو اعمارها على السبعين عاما عاشت تنظيماتها وأفكارها ومسيرتها في فرن عملي سياسي جعلها تصل الى درجة الاحتراف حتى صارت اكبر الدول العربية والإسلامية تقع تحت دائرة توجهاتها او تأثيراتها !
فعشرات الألوف من المبايعين ،والوف المتخصصين ،والتربويين والاجتماعيين والنفسين ،والوف السياسيين ،كلهم على قلب مذهب سياسي واحد ،
يحترفون التقية ،وبينهم من التحالفات والتآلفات والمشاورات ما يجعل هذا الزبد يطغى ويعم .
فمن غير المعقول ولا المقبول واقعا ولا شرعا ان نتعامل مع هذه الحركات الاسلامية السياسية الضخمة التي اكلت وتآكل خضرة قلوب المسلمين معاملة الطفل الصغير الذي للتو يتعلم الكلام ثم يريد ان يحاج بروفيسورا أفنى عمره في تخصصه !.
ولنرجع للمثال الذي صدرنا به لرجل من عموم جماعة الاخوان المسلمين ،كيف استطاع ان يجمع بين خدمة مذهبه في الاعتقاد مع المتاجرة التمثيلية بالاخلاق الاسلامية في مجموعة محدودة ؛فكبر الصورة -وكبر نظرك معها -لتعلم حجم المسؤلية العظيمة الملقاة على عواتقنا اليوم للمحافظة على الدين الحق ومكافحة بدع الجماعات الاسلامية السياسية التي لم تترك فراغا الا واقحمت أنوفها فيه !
وليس ما سبق تضخيما للباطل او ترهيبا منه عياذا بالله .إنماهو وضع للامور في نصابها الصحيح وحجمها الحقيقي حتى تؤخذ الحمايات لعدم التأثر بالمتاجرة بالاخلاق مع القيام بالجهاد الحقيقي الواضح الذي يتتبع اثر هذه الجماعات في كل مجال ليقلع آثار سراب الباطل
قال تعالى (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ).
بقلم | الشيخ أحمد السبيعي
الخميس ١٦ شوال ١٤٣٧ هـ
الموافق ٢١ يوليو ٢٠١٦