لماذا لا ينفع الذكاء وحده ؟


التصنيفات
الشيخ: 
القسم: 
القسم العلمي: 

لماذا لا ينفع الذكاء وحده ؟

 

    إن العقل خصيصة الانسان ،والذكاء نعمة بها لا يستهان .

   فإذا رجعنا إلى جانبين منقولين لنا في بُطُون الدفاتر :

إحداهما :في وصف اهل البدع الزائغين :

    

      بأنهم كانوا أذكياء ولم يكونوا أزكياء

    والقول في بعض المتفلسفة :كان ذكيا ولم يكن زكيا

 

والثانية : قول أبي العباس -ابن تيمية رحمه الله لا عادل منصور حفظه الله -في المنطق :لا ينتفع به الغبي ويستغني عنه الذكي -او عبارة بهذا المعنى -.

 

 فيتحصل لنا معنيان :

١-ان الذكاء إذا لم يصحبه زكاء من قصد حسن ،واستسلام للحق ،وبحث عنه ،وتحكيمه ؛وإلا صار وبالا على صاحبه ،لا سيما إذا تطور إلى مرض في القلب من عجب او كبر ،قال الله تعالى (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ).

 

٢-أن الاستعمال الراشد للعقل ؛لا يفتقر إلى قوانين أو نظم أو اصطلاحات ولا إلى خطوات مقننة يتحصل بإجالة النظر بنظامها الوصول إلى النتيجة الصحيحة !.

فهاهم أئمة الإسلام العظام صحابة وتابعين تكلموا في العلم وطبقوا الميزان -القياس-ولم يخطر ببالهم منطق أرسطو ولا شروط القياس المتكلفة التي طفحت بها كتب المتأخرين !.

 

 إن جناية العقل الذكي على الإنسان -إذا لم يهده الله عز وجل -ولم يعتصم بالسنة عظيمة !.

 ومن عمق غور فتنته انه لو تتبع ظاهر الوحي والسنة وهو معظم لهما لم يمنع ذلك فتنة الرأي والهوى ،فهاهو ابن حزم ذي الذكاء المفرط المحيي لمذهب كامل كاد ان يندرس ،كان ظاهريا في الأحكام عقلانيا متكلما في العقائد ؛بل لعل ظاهريته ساعدت في تشغيل عقله بالرأي في موضع آخر !.

 ولما أرادوا أن يعيبوا قائلا بالرأي ،قالوا انه لو ناظر على أسطوانة -سارية -انها ذهبا لاستطاع !.

   فجعلوا قدرته العقلية على قلب الحقائق ذما وعيبا !

   لا انبهارا واستحسانا وإقبالا كما يحصل اليوم !

 

    لم يأتِ في فضل العقل لذاته دليل صريح بل أحاديث موضوعة في صحيفة تعرف بصحيفة دَاوُدَ ابن المحبر .

إنما جاء مدح التعقل والتدبر من العالمين .

وبحسب اطلاعي -القاصر -لم يأتِ في الأحاديث الاستعاذة من شر العقل أو الذكاء .

وجاء الاستعاذة من شر النفس ،ومن بعض الصفات الجوامع في الشر كالعجب والكبر ،ومن بعض الأعضاء ومن شر المني .

 وقد يفهم من هذا أن العقل آلة من الآلات وأن الذكاء سبب من الأسباب ؛ثمرتهما ترتبط بالإحسان في استعماله من قلب سليم في قصده وعلمه !.

  أما حنكة التجارب وحكمة الزمان فوصف كمال خارج عن ذات العقل وعمله !.

 

بقلم : الشيخ أحمد السبيعي

الأحد 4 ذي القعدة 1437 هـ

7 أغسطس 2016