إذا غُيّرَت قيل غُيّرَت السُنّة !
بِسْم الله الرحمن الرحيم
إذا غُيّرَت قيل غُيّرَت السُنّة !
هذا العنوان هو جزء من أثر عظيم لعبدالله بن مسعود رضي الله عنه .
ولأورده قبل الكلام عليه :
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :"كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة ،فإذا غُيّرت قالوا :غُيّرت السنة .
قالوا ومتى ذلك يا أبا عبدالرحمن ؟ قال:إذا كثرت قُرّاؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت امراؤكم وقلّت أمناؤكم ،والتُمست الدنيا بعمل الآخرة ".(الدارمي ٦٤/١).
ففي هذا الأثر معاني عظيمة ؛منها:
١-أن الإلف والعادة والبيئة والتنشئة والجو المحيط بالانسان له أثره العظيم في تشكله وتلقيه .
٢-أن تتابع الناس على أمر في الديانة ولو تقليداً يُعطيه حرمة ومهابة وقدسية فارغة لا قيمة لها إذا أُخضعت للأدلة الشرعية والرجوع لمذهب السلف .
٣-أن أضر الأمور على الدين هو التقليد ،وإلغاء استعمال نعمة العقل الرشيد ،وأضر من ذلك وأشد التقليد المغلف بصورة الاتباع ؛فهو زيادة في الغش والمخادعة ؛لأنه يوهم المقلد أنه متبع لحجة ،وليس كذلك .
٤-أن المنكر لوضع سائد باسم الدين لا برهان عليه من الوحي والأثر يكون عرضةً للنقد والتشويه .
٥-ان الباطل والضلال قد يسمى باسم السنة زورا وبهتانا .
٦-ان الخطر على السنة من الترهيب باسم العلماء والطمع في الدنيا .
٧-ان العلماء ترتبط اقوالهم بالنور والحجج والبينات فلا يتضرر الآخذ منهم بل يكون أخذه عن العلماء كمالاً في اتباعه للحجج .
٨-ان هذا الأثر يُبين لصاحب السنة معنى عميقا للغربة ؛وان شدتها تكمن في ان مهمته في كسر طوقين وعائقين يحولان بين الناس وبين الشرب مباشرة من الوحي والأثر :
· طوق التقليد المزين بالاصطلاحات والزخرف وإيهام صحة الاستدلال
· السدنة والكهنة في كل زمان ومكان من أهلِ الاهواء الذين يحيطون بالناس وبالدين حتى يرهب المسلم أن لا يأخذ الدين إلا من طريقهم لأنهم القديسون الذين لهم الحق وحدهم في الاستدلال وهو الحقير الذي لا يجوز له ان يرفع رأسه .
٩-غربة السنة في تفهيم وتعليم الناس حقيقة ، شرف ومنزلة أهل العلم الحقيقية التي كان عليها السلف؛ مبلغين للدين، ومساعدين على الفهم،ومجتهدين في النوازل . طبعا غير مقام الصحابة والتابعين الذين لكلامهم مزية في العلم على غيرهم .
١٠-بيان خطر استسلام أهل العلم للمنتسبين للعلم الجاهلين وأتباعهم المقلدين وأنهم مهما بلغوا من الكثرة والارهاب والتخويف والارجاف لا يُلتفت اليهم والواجب جهادهم وأهواءهم التي يتعصبون لها ويتعاضدون عليها ويخوفون من تركها فان أهل الاهواء أتباع الشيطان وإن كيد الشيطان كان ضعيفا .
١١-حيلة اهل الاهواء من استعمال العلم آلة لأغراضهم -كالصوفية والجماعات ومن تشبه بهم -فيحيطون الطالب الصغير المسكين السريع الثقة بمن يقول له انا على السنة فيحيطونه بأهواء وأجواء تبرمج مخه وتكوينه العلمي ولغته للطرُق التي تُملى عليه فيقع في وهم انه على حق ويظن ان المفاهيم والسلوكيات والأساليب التي لقنوه إياها من صلب طرق طلب العلم فاذا استجاب أدخلوه في الطعن على اهل الحق بالبغي والعدوان بغير بينة ولا برهان فاذا وقع في الظلم المحرم وأحيط بالترتيب الوضعي الذي أدخلوه فيه من تقسيم مراتب الشيوخ ووافق مع هذا طبعا غليظا وكثافة في العقل فشأنه شأن كل ذي هوى يتبع فرقته وطائفته -نسأل الله العافية والسلامة -.
١٢-كل ما تقدم من الشرور والذل والمهانة والظلمة يتخلص منها صاحب السنة بحمدالله بيسر اذا تدين بالسنة
لأن شيوخ السنة ناصحين ليس لهم مطمع في الصدقات ولا الرئاسات
ولأنه يعلم ويذوق مدارج الشرف والسنة
فيقوده إيمانه الحق ومتابعته للسنة لنور البصيرة ونبذ التقليد وحرية استعمال ما وهبه الله من العقل والمطالبة بالبينات والحجج والبراهين إلى آخر الصفات الحميدة التي يتربى عليها في كنف السنة فلا يستطيع احد كائنا من كان ان يغمسه في اجواء خاصة او يملي عليه قضايا تافهة الى غير ذلك من طرق جماعات الاهواء !.
بقلم : الشيخ أحمد السبيعي
الإثنين 19 ذي القعدة 1437
22 أغسطس 2016