المذهبية السلفية الجديدة !
المذهبية السلفية الجديدة !
المعركة بين دعوة أهل السنة في الرجوع للأدلة الشرعية في الفقه وبين أهل البدع طويلة تاريخيا وممتدة علميا.
فبين الغايات والوسائل تفترق الأمور افتراقا جذريا؛ وبعض الصور توضح عمق الصراع.
وبيان ذلك أن أهل السنة يقولون: إن انتفاع المسلم بالأدلة الشرعية -قرآنا وسنة- ممكن؛ بل هو واجب من حيث العموم والأصل، وأن مثل قول النبي ﷺ :"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا :كتاب الله وسنتي" المخاطب به كل المسلمين.
بينما يقول المذهبيون -الغير سلفيين أو من غير أهل السنة-: إن الواجب شرعا بعد الأئمة التقليد، وأنه لا يجوز العمل بالأدلة لغير المجتهدين.
وإلى هنا والفرقان بين السنة والبدعة في غاية الوضوح.
فإذا تجاوزت هذه المرحلة، ونزلت إلى ساحة العمل؛ يبتدأ الفرقان يتقلص شيئا فشيئا، والفروق تبدأ بالنقص؛ لا لنقض دعوى التسليم بالأصل النظري العلمي العام، لكن لضرورة نقص البشر، ولإرادة التخفف من ثقل العمل بموجب حق العلم الذي تفرضه السنة، وإرادة للقوالب الجاهزة المحصورة، ولمسيرة التاريخ المذهبي الذي عّم وطم وفرض نفسه!
ثم يطيب لهؤلاء ما ليس يطيب شرعا: من دعوى أن ابن تيمية كان حنبليا مثلا.
أو أن الدولة السعودية -حفظها الله وبارك فيها وسائر بلاد المسلمين- قد اعتمد فيها المذهب الحنبلي مثلا!
فهل هذه أدلة شرعية يفرض فيها صاحب سنة -مع ماتقدم - المذهبية!
وما شأن نقص البشر ومسيرة التاريخ في المسائل العلمية الشرعية التي مرجعها إلى الأدلة؟
وهل نحن مأمورون بالرجوع إلى ما كان عليه النبي ﷺ فقط نظريا أو كشعار؟
أما في الفقه وتلقي الأحكام فيجب أن نسلم ما انتهت إليه المدرسة المذهبية التي فرضت نفسها؟
أم أن الرجوع إلى ما كان عليه النبي ﷺ والصحابة يكون فقط في أصول السنة والعقيدة الصحيحة فقط؟
وهل سعي المسلم للرجوع إلى ما كان عليه السلف في طريقة تلقي الدين والأحكام والتفقه دال على زيغه وانحرافه، وأنه لا يقدر العلماء حق التقدير -كما كان يقوله المذهبيون-؟
وهل فعلا أدلة الوحي والآثار بهذا العسر وعدم الوضوح بحيث لا تمكن المسلم من التعبد والتفقه لعسرها ومشقتها في مقابل يسر مصطلحات الكتب المذهبية ووضوحها؟
بفضل الله -عز وجل- وكرمه أن كل مسلم يجاوب بينه وبين نفسه بصدق وديانة وبحث عن الحق على الأسئلة المتقدمة سيتضح له أننا مأمورون شرعا بالرجوع إلى الوحي -كتابا وسنة -وإلى الأثر -عن الصحابة والتابعين- في كل أمر صغر أو كبر من أمر الدين بغض النظر عن قدراتنا ومقاديرنا.
وإن أوَّل ما يدخل في ذلك العلم وطريقة تلقيه وتحصيله، وطريقة التفقه، وواجب المسلم مع أهل العلم، وما هي وظيفة أهل العلم على الحقيقة، فكل ذلك وغيره يبتدأ أخذه والسير عليه اتباعا للصحابة والتابعين.
ومن زعم أن هناك تطور في العلم يقتضي غير ذلك فلا يلومن أهل البدع المتمذهبين والقائلين بغير مذهب السلف الصالح حيث يزعمون أن هناك تغير يقتضي التغيير في هذه الأحكام!
ولذلك قال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- والآثار في ذلك كثيرة: "ولئن قلتم إنما حدث بعدهم، ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون"
والحديث ذو شجون ولله في خلقه شؤون والخلاصة والنصيحة:
لنحذر المذهبية السلفية المطوّرة الجديدة!
بقلم الشيخ أحمد السبيعي
الإثنين 16 محرم 1438 هـ
17 أكتوبر 2016